وانا أُشاهد بعض البرامج المسابقاتية الرمضاية أُصبت بالقرف من طريقة الأداء فضلا عن المحتوى.
كنت بصدد عمل دراسة نقدية لهذه الظواهر التي تتكرر كل عام ولكن بدون جدوى لن يستفيد منها أحد ففضلت أن لا أُهدر وقتي وجهدي في عمل لن يستفاد منه ولن يؤخذ بتوصياته .
في الآونة الاخيرة حدثت طفرة إعلامية كبيرة بالقنوات الفضائية اليمنية الأهلية وهذا شيء جيد من حيث المبدء ولكن الخطورة في ما تقدمه هذه القنوات للجمهور وما تحتوية من برامج .
عند إنشاء أي فضائية لابد أن يكون لمالك هذه القناة او ممولها سياسة خاصة به وله أجندة يريد إيصالها للجمهور المستهدف وما يحدث في اليمن من طفرة بالقنوات إلا أنها لم تكن بحجم القنوات الفضائية الاخرى.
بمجرد ان تشاهد قنوات اليمن بشقيها الرسمي والحزبي و الأهلي لكن لا تلاحظ عليها قدر من المسؤولية في تقديم سياسة واضحة لجمهور المشاهدين وتكاد منعدمة السياسة والهدف بنفس الوقت ولا يعرف الجمهور ماذا تريد هذا القنوات من خلال ما تقدمه من برامج.
أول مشكلة في هذه البرامج في من يقدمها وهم الممثلون وكأنه قدر لنا أن نشاهد نفس الوجوه في المسلسلات والبرامج معا ،و مشكلة أخرى في المحتوى الذي يُقَدم بطرق غريبة أشبه بتهريج مجموعة من الناس في الشارع.
بالله عليكم يا إدارة القنوات لا يوجد إعلاميون محترفون إلى درجة أن يقدم هذه البرامج مجموعة من المبتذلين الذين لا علاقة لهم بالإعلام ورسالته العظيمة.
من المحزن أن تجد ممثل او ممثلة يقدمون برامج مسابقاتية او غيرها لا محتوى هادف ولا أداء جيد وبصورة أشبه بالإعتباط وبهذا التصرف يقومون باقتراف جرم كبير بحق الرسالة الإعلامية المنوط بهذه القنوات تقديمها للجمهور وللأسف تصرف ملايين الريالات عليها بدون فائدة او متعة للجمهور .
بمقدور إدارة هذه القنوات إنتاج برامج ذو قيمة عالية بأقل التكاليف لو أنها كلفت نفسها بالبحث عن إعلاميين محترفين ،لكن تدار هذه القنوات بشكل إعتباطي بعيداً عن التخصص ،فتجد مقدمين ومذيعين في غير رمضان على سبيل المثال في البرامج السياسية و الثقافية لا توجد لديهم خلفية سياسية او ثقافية في المواضيع التي يقومون بتقديمها إلا ما ندر فتجد المحتوى ضعيف جدا ولا يحقق الهدف من البرنامج.
لا أدري ما هو السر في اختيار ممثلين بدلاً من الإعلاميين برغم وجودهم بكثرة، مقدم البرامج لابد أن يتمتع بقدر لا بأس به من إتقان اللغة العربية الفصحى فضلا عن إجادتها ،وكذلك طريقة الأداء ،تقديم البرامج باللهجة المحلية كارثة كبيرة والاداء بتلك الطرق التي يقوم بها مهرجوا البرامج كارثة أكبر حتى المظاهر لا تليق بمقدم البرنامج،القيافة، الملابس، الشكل كل هذه تكاد منعدمة في الكثير من مقدمي البرامج .
أغلب هؤلاء يقدمون أنفسهم للجمهور كأشخاص ولم يقدموا محتوى البرامج كمواد خاصة بإمتاع الجمهور ،فتحولت برامجهم إلى تجسيد شخصياتهم حتى في المسمى وقد أحسنت صُنعاً إدارة قناة المهرية في إلغاء أحد البرامج لما يحتوية من تسويق لشخص المقدم فضلا عن ضحالة المحتوى و استفزازه للذائقة العامة .
أغلب الفضائيات يتم توظيف طواقمها وموظفيها بالمحسوبية إما الحزبية او العلاقات الأسرية والشخصية وهذا ما أثر سلبا على الفضائيات في تقديم مواد او محتويات برامجية هادفة وعلى القنوات الفضائية وإداراتها اختيار متخصصين في الإعلام كي يرتقوا بما تقدمه القنوات من برامج مفيدة للمشاهدين .
لماذا لا نستفيد من فارس البرامج المسابقاتية يحيى علاو رحمه الله في تقديم البرامج ،يحيى علاو قدم عددا لا بأس به من البرامج الهادفة والممتعة للجمهور بقوالب مختلفة وكلها تصب في إمتاع الجمهور بشكل كبير ،يحيى علاو ارتقى بجمهوره ومشاهديه ثقافيا واجتماعيا وسياسيا و تاريخيا ووطنيا ،لا تكاد فقرة من فقرات برامجه إلا ولها فائدة وهدف ومدلول إما ثقافيا او سياسيا او دينيا او اجتماعيا وكان يحسن إختيار الجمهور بشكل دقيق فيجمع بين إيصال المبلغ المراد دفعه للشخص المستحق والإرتقاء بالمستهدفين وتثقيفهم في نفس الوقت.
بقدر البذخ والمصروفات والانفاق الكبير الذي ظهر على البرامج لكنها لم تؤدي أي رسالة او هدف عام حتى ترتقي بعقل الجمهور ثقافيا او سياسيا او دينيا او إجتماعيا بقدر ما هي عباره عن فضفضه لا أقل ولا أكثر .
الإعلام اليمني بحاجة إلى ترشيد وعمل دورات للقائمين على هذه القنوات حتى يفقهوا الدور المنوط بهم في احترام المشاهدين ومراعاة الذائقة العامة واتمنى عليهم الاستفادة من أصحاب التخصص من أكاديميين و خبراء و أدباء حتى يرتقوا بأداء القنوات بشكل أفضل في الايام القادمة .
*دكتوراة في العلاقات العامة والإعلام الإجتماعي-الهند