سلطات الأمر الواقع في صنعاء تحفر قبرها بنفسها، هي تعتقد أنها تثبت سلطتها عن طريق مزيد من القمع ومحاصرة الحريات الشخصية فيما الحقيقة أنها تسهم في خلخلة ثباتها وتستعدي قطاعات جديدة من المجتمع وفي النهاية أي مواجهة مفتوحة بين أي سلطة ومجتمع تنتهي حتمًا لصالح المجتمع.
عندما تتدخل سلطة لحراسة أخلاق المجتمع فهي بذلك تفسده ولا تصلحه، إن شرط الإيمان هو الحرية وبالضرورة فشرط الإلتزام الأخلاقي هو الحرية أيضًا وحين تصادر حريات الناس؛ كي تجبرهم على الالتزام فأنت بذلك تستفزهم وتدفعهم لمزيد من التمرد، وفي هذه الحالة لا يكون التمرد منضبطًا بل يذهب أبعد من ذلك ليكون أشبه بالتحلل الكامل من القيم؛ كردة فعل على محاولتك فرض القيم بطريقة قسرية ومصادمة للناس.
المرأة هي الحلقة الأضعف في أي مجتمع وحين تراهم يكثفون قمعهم تجاهها فهذا لا يعبر عن قوتهم؛ بل يكشف مستوى ضعفهم الداخلي وبحثهم عن أسهل الأهداف؛ ليظهروا من خلالها قوتهم وسلطتهم، وإن قوة السلطة لا يظهر من خلال طردها لامرأة تعمل في مطعم أو مؤسسة، بل من خلال حمايتها ومنحها حريتها في العمل والحركة وبما يحقق مصلحتها.
أي سلطة تفقد أهدافها الكبرى المتعلقة بقضايا الدولة والمجتمع تعوض هذا الشتات بالذهاب نحو اهتمامات سخيفة تتعلق بخصوصيات الناس، هي سلطة تعاني من درجة هشاشة عالية مهما بدأ أنها سلطة متماسكة، وبدلا من أن تتوقف مع نفسها وتعيد ضبط سلوكها والتركيز على قضايا الدولة ومسؤوليتها تجاه معيشة الناس، بدلا من ذلك تهرب للأمام لتكثف من مضايقتها للناس وخنق حرياتهم، وبهذا فهي تمعن في إضعاف نفسها بنفسها والنهاية ستكون من هنا، وكما يقال كلما تضاعف خوف سلطة ما من مجتمع معين تضاعف قمعها له.
يمكن للناس التغاضي عن سلطة غير شرعية تحكمهم بدون أي تفويض منهم ويمكنهم أن يتعايشوا مع سلطة تصادر الحريات العامة وتقضي على التعددية في المجتمع؛ لكن حين يصل القمع للمجال الخاص بل وأدق الخصوصيات المتعلقة باللباس والعلاقات الشخصية وقصات الشعر وكل ما يخص الحياة الداخلية للمجتمع ففي هذه الحالة يستشعر الناس درجة الخطر وتكون المواجهة شاملة حيث المجتمع الذي يبلغ فيه الخوف أقصى درجة له؛ ينقلب لمستوى شعوري عكسي فلم يعد لدى الناس ما يخافوا منه وقد وصل خوفهم لدرجة عدم قدرتهم على اختيار نوع لباسهم خوفا من بطش سلطة ما، وليس أمامهم سوى الانفجار.
أي سلطة قمع مهما بلغت وحشيتها فإن طاقة القمع لديها لها مستوى معين من الفاعلية، إذا تجاوزته وأفرطت في القمع تتعطل لديها قدرة القمع وتكون النتيجة عكسية وهو عجزها في السيطرة على المجتمع، من حيث أرادت أن ترفع من درجة سيطرتها، لكن لكل شيء حدود إذا تجاوزه يغدو الأمر نقمة عليه، هذا ما قصدناه حين قلنا أن الحوثيين يحفرون قبرهم ويلفون الحبل ع رقبتهم بأنفسهم. السؤال الآن: ما هي المكاسب التي ستحققها جماعة الحوثي من مضايقة الناس في حياتهم الخاصة..؟
كيف ينظرون للمجتمع في القرن الحادي والعشرين وهل يعتقدون أنهم بسلاحهم قادرين على إعادة الناس لعصر القطرنة والزمن الحجري؟
نحن أمام مجتمع مفتوح يتلقى قناعاته من منافذ عديدة ويتواصل مع العالم كله، كيف يمكن لسلطة تحكم مجتمع كهذا أن تلزمه بنظام حياة لا يريدها.
هناك نوع من العمى تعيشه هذه الجماعة وأنا مؤمنة أنهم مفصولين بشكل كامل عن المجتمع حيث الأوهام والخرافات الطائفية ووهم القوة حجبهم عن حقيقة الوضع وجعلهم يعتقدون أنهم بمجرد امتلاك قوة لإخضاع الناس يستطيعون بها تحقيق كل شيء بما في ذلك اجبار الناس على نظام حياة يحدد لهم نوع لباسهم ومقاساته ونوع العطور والألوان التي يستخدمونها في حياتهم.
نصيحتي لأنصار الله: إما أن تعيدوا فرملة أنصاركم ومسلحيكم الذين يجوبون الشوارع منفلتين ويعبثون بحياة الناس ويرهبوهم او عليكم بانتظار موجة غضب تقتلعكم جميعا، لا تركنوا على وهم القوة، فهي قد تنفعكم في الجبهات العسكرية لكنها تتحول لوبال عليكم في حال اعتقدتم أنكم ستلجاؤون لها لإجبار الناس ع اتباع خرافاتكم وتلوين حياتهم كما تشاؤون.