خلال الحملة التي أطلقها شباب يمنيون تحت شعار #الحوثي_جماعة_ارهابية بأكثر من لغة تبين حجم التفاعل الكبير الذي شاركت فيه كل أطياف المجتمع والأفراد والشخصيات العامة والجهات الرسمية و حتى الخصوم السياسيين تبنوا نفس الهاشتاج وتفاعلوا جميعا نحو هدف واحد وهو إخبار العالم أن اليمنيين قد يختلفون حول أي شيء, إلا أن موقفهم من جماعة الحوثي واحد.
تصادف ذلك مع الذكرى السادسة لإعلان مخرجات الحوار الوطني الذي توافقت عليه معظم شرائح المجتمع اليمني بينما شذ الحوثي على الإجماع الشعبي و شن حرب عسكرية أهلكت الحرث والنسل و تركت البلاد في أسوأ وضع إنساني في العالم. ولكن وبأثر عكسي متوقع إستطاع الحوثي عبر أعماله الإجرامية توحيد اليمنيين ضده وهو مابدا من خلال الحملة آنفة الذكر.
يرسل هذا الإجماع الوطني المتجدد رسائل في اتجاهات عدة سنحاول هنا قراءة بعضها من وجهة نظر الكاتب
الرسالة لأولى للمجتمع الدولي وبالأخص الولايات المتحدة الأميركية
ومع ان للرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب مساهماته السيئة في رفع معاناة الشعب اليمني عبر نهجه سياسة التاجر الجشع مع السعودية التي تغاظى كثيرا عن دورها السلبي في حرب اليمن مقابل الأموال التي دفعتها له, إلا أن القرار الأخير الذي اتخذته إدارته بتصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية كان مما يحسب له لا عليه. وهذا ما أيدته معظم شرائح المجتمع المحلي في اليمن. ولكن عندما عاد الحديث عن محاولة الإدارة الاميريكية الجديدة للرئيس بايدن إخضاع هذا القرار للمناكفات السياسية مع الجمهوريين ورغبتها في إعادة دراسة هذا القرار استفز ذلك اليمنيين ليطلقوا حملة مفادها أن الشيء الوحيد الصحيح الذي فعلته أميركا الى الان بحق الحرب في اليمن لا ينبغي عليها ان تعود لتكرر خطأها وتتبنى سياسة من شأنها مفاقمة الوضع الإنساني بذريعة مراعاة أنشطة المنظمات الإنسانية. فقال اليمنيون جميعا بصوت مدوي على الحوثي أن يبقى ضمن التصنيف الأمريكي الأخير كجماعة إرهابية الى جانب داعش والقاعدة وبقية الجماعات المتطرفة.
وبما أن منصة تويتر كانت هي ساحة الإحتجاج اليمني العظيم فقد بدا واضحا أن اليمنيين أرادوا أن يخبروا العالم بأن كفى مزايدة بأوجاعنا, لم يعد اليمنييون يحتملون لغة مائعة و مطاطة ينتهجها الخطاب الدولي نحو اليمن متذرعا بالوضع الإنساني و هو بالأصل محكوم بمصالحه الخاصة وعلاقاته الدبلوماسية وصفقات الأسلحة.
لغة الحملة كانت واضحة بلا شك, على العالم أن يصغي لهذا الصوت اليمني وعليه إذا أراد أن يحسن سمعته كمتواطىء في حرب اليمن أن يتخذ خطوات أكثر جدية و يمارس ضغوطاته التي يعرف جيدا أين يمارسها وعلى من.
تحتاج دول العالم و على رأسها الولايات المتحدة الميركية و ادارتها الجديدة أن تتحرر من حسابات العلاقة مع السعودية الغنية صاحبة الصيت السيء في مجال حقوق الأنسان, و أن تهتم لشأن اليمني الانسان الذي أرهقته هذه الحرب التي طال أمدها على مرأى ومسمع من الجميع.
الرسالة الثانية للإقليم والسعودية و إمارة أبو ظبي
الهبة الشعبية التي أثارها اليمنييون في تويتر رسالة واضحة للجوار الخليجي على وجه الخصوص بأن كفوا أياديكم عنا, منذ اللحظة الأولى التي استنجد فيها الرئيس هادي بالسعودية للتدخل في اليمن وقف اليمنييون معكم أيمانا منهم بان الخطر المحدق يستهدفنا جميعا وبأن ستكونون أحرص على أنفسكم أكثر من الحرص علينا, ولكنكم أضمرتم نية الغدر كما بد لاحقا وهاهي صواريخ الحوثي الذي استفاد من تخاذلكم تتساقط على مدنكم وعواصمكم, لقد لعبتم بالنار مع واحد من أعظم شعوب العالم, لن يطول أمد صبر اليمنيين على عبثكم, فاجمعوا أشيائكم وانصرفوا وكفوا الدعم عن أدواتكم في الداخل و انظروا بعين الواعي لما يمكن لليمني أن يفعل إذا أراد.
الرسالة الثالثة للحوثي
لا بد أن مليشياتك الالكترونية و شبكاتك الناعمة لا زالت في حالة الذهول والخوف التي سببته هذه الحملة اليمانية, لم تكن هذه مجرد مئات الألآف من التغريدات, بل استعرض جزء يسير من اليمنيين معاناتهم الفردية التي تسببت به مليشيات جماعتك الإرهابية. فقد تركت في كل بيت ثار, وستجني ثمار ذلك عاجلا و آجلا, فانجوا بنفسك و ابدأ خطوات العدالة الانتقالية ورد الحقوق والمظالم لأهلها و تلافى ما يمكنك تلافيه إن كان لازال في الوقت متسعز سيغرقك طوفان اليمنيين ولن تظفر بسفينة نوح. لا يغرنك وهم القوة ورائحة الدم ففجر اليمنييون قادم لا محالة، تلك حملة الكترونية بلا سلاح أسمعت العالم و تخيل مالذي يمكن أن يكون عليه الحال في حال حمل كل واحد من هؤلاء سلاحه وصوبه نحوك كعدوهم المشترك.
الرسالة الرابعة للحكومة الشرعية والرئيس هادي
لم تكن الحملة الشعبية التي قادها الشباب اليمني حملة رسمية ولا تبنتها جهات حكومية مع ان الأصل في الامر ان هذا عمل الحكومة في الأساس الذي يبدأ بتوحيد اليمنيين و العمل لأجلهم و لملمة الجهود نحو قضيتهم الأولى واستعادة دولتهم. فاذا كان لدى المقربين من هادي وعي صادق فليخبروه بأن هذه الحملة الان تتجاوزه وتتجاوز حساباته وحكومته و إن لمثل هذه الحملات إنعكاسات سلبية قد لا يسر الرئاسة والحكومة اليمنية الشرعية نتائجها. الكرة الان في ملعبكم فاعملوا بما أقسمتم اليمين الدستورية لأجله وتذكروا جيدا كيف التف اليمنييون منذ أسابيع قليلة حولكم مرافعا ومؤازرا حين تعرضتم لهجوم مطار عدن, فتخلوا عن انانيتكم وتحلوا ببعض المسؤولية وقوم بواجبكم واستشعروا أهمية المرحلة والا فانتظروا من هذا الشعب ما لا يعجبكم
الرسالة الأخيرة لليمنيين جميعا ولشباب فبراير
أعادت هذه الحملة ألى الأذهان صورة المارد اليمني حينما ينهض وقد رأينا جميعا مالذي باماكان أيادي سبأ إن تجمعت أن تحدثه, كيف تسامى الجميع فوق خلافاتهم وتوحدوا وأوصلوا صوتهم للعالم, وكيف ان قوة ضائعة كامنة بداخلنا تذهب هدرا في خلافاتنا الجانبية, فمن خلال هذه الحمله يمكن البناء و إعادة ترشيد وتهديف الجهود اليمنيية وإعادة تذكير اليمنيين بالعدو المشترك وتنحية الخلافات البينية لتاتي الدولة أساس كل حل و دواء كل علة.