هناك حكومات تنتجها إرادة الشعوب، وعليها تراهن وتبني تطلعاتها وآمالها، وتعمل حكومة من هذا الصنف على تلبية تطلعات الشعب وتقوم ببذل الجهود الممكنة لنيل رضى الشارع، ويرتبط رضى أو سخط الناس عن هذه الحكومة بمسألة بقاءها او سقوطها .
وهناك حكومات أخرى تنتجها الأزمات السياسية والحروب، ويكون الشعب مجبراً على القبول بها بدافع الضرورة، هذا النوع من الحكومات تقوم بأداء نشاطها خارج نطاق الإرادة الشعبية، ولا تسعى لتحقيق أي تطلعات لها، وقد تبالغ في ممارسة الفساد وهي لا تخاف من التعرض للمساءلة أو المثول أمام المحاكمة الشعبية، فليس هو الشعب من أتى بها ولا هو القادر على إزاحتها متى أراد.
حكومتنا الجديدة هي من الناحية النظرية تمثل المشروع الوطني الذي يصطف خلفه الشعب، والمتجسد بانهاء الإنقلاب الحوثي واستعادة الدولة، ولكنها من الناحية العملية حكومة لا وطنية أنتجتها الضرورة، وشكلتها كيفما تشاء أيادي الوصاية الدولية والأقليمية.
يمكننا القول أن هذه الحكومة لا تعنينا ولكنها تمثلنا، وليس أمامنا إلا أن نعترف بها ونتعامل معها كيفما كانت درجة سوءها، هذا القبول الحاسم بها لا يعني الرضى التام عنها، ولكنه الخيار الحتمي أمامنا كيمنيين في هذه المرحلة مهما كانت طبيعة الحكومة المشكلة، فمجرد وجود مسمى حكومة يمنية تمثل المشروع الوطني الجامع، يُبقي على أمل الخلاص من المشروع الحوثي السلالي الذي يمثل التهديد الأول لوجود اليمني وهويته.
لا تطلعات ولا آمال كبيرة معلقة على هذه الحكومة التي لن تجد يمني واحد راضٍ عن طريقة تشكيلها ولا عن شخوصها، لكننا سنكتفي منها بعدم خيانة المشروع الوطني، وسنقبل منها القدر الضئيل جداً من الإنجاز.
هذا هو موقفنا من الحكومة كمنظومة، أما موقفنا من شخوصها فمن أحسن في أداء مهامه ومواقفه أشدنا به وسجلنا مواقفه، ومن أساء فسوف ننتقد ونعترض ونسجل مواقفه كذلك، وهذا ما حدث مع الحكومات السابقة وهو ما سيحدث مع هذه الحكومة ومع الحكومات القادمة.