عندما يكون النجاح استحقاقًا
الخميس, 07 مايو, 2020 - 10:04 مساءً

أسعدني الدكتور محمد الظاهري بتعليق على حلقة الأمس حول اللجنة التنظيمية إذ أراد مني كمافهمت أن أفرق بين اللجنة التنظيمية واللجنة الأمنية التي كانت تدير ساحة التغيير وكانت سببا في كثير من مشاكلها ومشاكل والثوار.

كما أنني سهوت عن ذكر ان الدكتور الظاهري كان أول رئيس للجنة التنظيمية التي كان مقرها وانطلاقها في ساحة التغيير .

وضحت للدكتور محمد أنني أتلقى أي تعديلات على ماأكتب ثم أقوم بالتصحيح لاحقا ولازال في الذاكرة تصدره لمظاهرات الزبيري في سبتمبر 2011م وإصابته وأحمد القميري القيادي البارز في الإصلاح إصابات بليغه.

لكنني سأظل دائما أذكر هنا أنني لا أكتب التاريخ وإنما أحاول أن أتذكر بعض مشاهداتي وأحداث مررت بها خلال فترة الثورة.

كنت أنهيت الحلقة السابقة عند توكل كرمان وقيادتها لمظاهرات مجلس الوزراء أوماسمي آنذاك بمظاهرات بنك الدم.

كان الحادي عشر من مايو 2011اختبارا صعبالإنسانيتنا جميعا إذانقسمت الساحة إلى قسمين قسم يؤيد الذين خرجوا للتظاهر وكانوا حشدا كبير استجابوا لنداءات توكل التي أطلقتها بالخروج سلميا وبالورود لإسقاط مؤسسات الدولة أما القسم الآخر وهو الأكبر للأسف فكان متشفيا للغاية بمن قتل من المتظاهرين وبتوكل لأنها خرجت عن الجماعة بل إن المستشفى الميداني لم يستقبل بطريقته المعهوده القتلى والجرحى كما يستقبلهم عقب كل المظاهرات.

ولازال في مسمعي حتى الآن صوت أحد قيادات الساحة من حزب الإصلاح وهو يقول إن مافعلته توكل هو خروج عن الجماعة والبعض قالها بشكل صريح إن ذلك هو جزاءمافعلوا.

كانت الأوامر تأتي دائما من اللجنة التنظيمية واللجنة الأمنية فقط للخروج بالمظاهرات خارج الساحة وكان الإصلاح أكثر الأحزاب حضورا كمعتصمين وأفراد وكان أيضا مسيطرا على اللجنة الأمنية والمستشفى والميداني .

وقفت توكل على منصة الساحة ودعت المتظاهرين للإنطلاق نحو مبنى مجلس الوزراء وكنت أرقب مشهد مغادرة المظاهرةكأنه حاضر الآن.
عند الساعة الخامسة عصرا فتحت قوات الأمن بجانب مجلس الوزراء النار على المتظاهرين أتذكر صوت الرصاص حتى اللحظه كان كثيفا وكبيرا ووحشيا وقتل العشرات وأصيب المئات من المتظاهرين.

منذ تلك اللحظة لم يبق أعداء توكل في الساحة ذما إلا وقالوه عنها ،كان السب والشتم والقذف لايتوقف وكذلك كان التعريض بمن يدعمها أويساندها وهناك أوقفت عن الصعود للمنصة وبدأت حرب حقيقية مع إدارة الساحة ومعظمهم من حزب الإصلاح.
ولم يسمح لها من جديد بالصعود للمنصة إلا عندما أعلن عن فوزها بجائزة نوبل للسلام في يوليو من العام2011م.

كان إعلان فوزتوكل بجائزة نوبل هدية لكل اليمنيين المطالبين بإسقاط النظام واعتراف بثورة اليمنيين وكل ثورات الربيع العربي وأعادة الإعتبار للثورة اليمنية التي كانت تعد نموذجا في السلمية والتضحية والصبر .

ولا شك أنها كانت جبرا لانكسارات توكل الشخصية بعد سنوات من المعاناة والتعب والمظاهرات في شوارع صنعاء وترميما للضررالذي لحق بها داخل ساحة التغيير بصنعاء من قبل خصومها من أنصارالثورة فقدكانوا يثخنون الجراح أكثر من النظام نفسه .

تلك الخيمة التي كان الناس لايقتربون منها خوفا من تصنيفهم واحتسابهم على توكل أصبحت يوم الإعلان عن فوزها بالجائزة مزارا ،ومع كل ذلك فلم يكن الكثير من اليمنيين يعرفون ماذايعني الفوز بجائزةنوبل للسلام على المستوى الشخصي وعلى المستوى الوطني والعالمي.

وعموما فالجوائز والمناصب والأوسمة لاتزيد من قدر الإشخاص أومن أهميتهم بقدر إيمانهم بالقضايا التي يحملونها والأحلام التي يدافعون عنها ولطالما رأينا أناسا أقل من الأسماء التي يحملونها ورأينا آخرين أكبر من كل الإلقاب والجوائز والمناصب .

هذه هي ليست قصة توكل بالتأكيد بل هي قصة كل إنسان ثابر وناضل وآمن بقضيته فاستحق بعد عناء ماأراد.

إن خصومك وأعدائك أوحاسدوك أشخاصا كانوا أومؤسسات لايمنحونك القوة فحسب بل يمنحونك القدرة على العدو بسرعة وتجاوزهم واختبار اللحظات الصعبة التي وضعوك فيها وتجاوزها مرة بعدمرة لتصبح أصلب عودا وأكثر مراسا وعداء مخضرما في هذه الحياة.

لقد كانت الجزيرة وكنت معها وزملائي في صنعاءوتعز وعدن وغيرها ننقل تلك الأحداث العصيبة لحظة بلحظة لدرجة أن الثورة تلبستني لكن لطالما كنت موضوعيا كصحفي وقد ظل صديقي الصحفي الجميل صدام أبوعاصم الذي كتب عني مقالا لاأنساه بعنوان (للثورة صحفي إسمه أحمد الشلفي )يقول لي مازحاكلما لقيني بعد2011 بسنوات إنني عندما أتحدث فإنه يشعر أن الثورة بدأت للتو.

سمعت من توكل الكثير من الحكايات الصعبة داخل ساحة التغيير ولابدأنها ستكتب يوما عن ذلك .وقدتابعت بنفسي معظم ماكان يحدث ولا شك أن من أصعب لحظاتها كانت عندما عادت من مظاهرة بنك الدم ذاهلة باكية ناجية من الموت وقدرأت الشباب يقتلون بدم بارد فإذا بالشتائم والأحذية تنهال عليها وتحملها أسباب مقتل أولئك الشباب ،لكن كل تلك اللحظات الصعبة تصنعنا من جديد.

أخيرا أختم بهذا المقطع من قصيدة لي.

أنا كنت منكسرا
لأن الله لايمتن للضعفاء
الله أشواق الحياة
فرح الصلاة
من قال أن الله يخلقنا
لنغرق في الأسى والخوف
الله يخلقنا لنولد من جديد

التعليقات