جمال بنعمر
الأحد, 03 مايو, 2020 - 10:07 مساءً

من الأسماء التي لايمكن المرور عليها دون تذكر دورهاالمهم اسم جمال بنعمر المبعوث الأممي إلى اليمن الذي امتدت فترته من عام2011م حتى العام2015م.
 
وبغض النظر عن الملاحظات التي أبداها ويبديها الكثيرون حول عمل المبعوثين الأمميين إلى اليمن بدءا بالمغربي جمال بنعمر ومرورا بالموريتاني اسماعيل ولد شيخ وانتهاء بمارتن غريفيث البريطاني فإن مرحلة بن عمر التي امتدت لنحو أربع سنوات هي الأكثر ثراء وتأثيرا ولن أتوقف هنا عند انتقادات كثير من اليمنيين لإداء المبعوثين الأمين إلى اليمن ولا عن دور الأمم المتحدة المعروف في كل بلدان العالم وليس في اليمن فحسب.
 
فالقرار في القضايا العالمية ليس قرار المبعوثين وإنما قرار الدول الخمس في مجلس الأمن وليس بإمكان موظف دولي أياكان تغيير مسار قضية دون العودة إلى الدول العظمى.
 
لكن ماكان مفيدا في فترة جمال بنعمرهو الإجماع في مجلس الأمن حول قضية اليمن خلال تلك الفترة وهو الذي مكن بنعمر من اجتياز مراحل صعبة مثل إصدار عقوبات على صالح وابنه وإجباره على توقيع المبادرة الخليجية والوصول إلى الآلية التنفيذية للمباددرة الخليجية ثم الحوار الوطني حتى توقيع اتفاق السلم والشراكة والحوثيون على أبواب صنعاء.
 
لقد اعتقد الجميع في لحظة من اللحظات أن الأنموذج اليمني في الفترة الإنتقاليه أصبح ناجحا وأن اليمن نجا من المشهد السوري والليبي قبل أن يعلن الحوثي انقلابه ويتآمر جيران اليمن عليه.
 
لاشك أن بنعمر لديه الكثير مما سيحكيه عن تلك المرحلة الهامة والصعبة من عمر اليمن وقداحتفظت بعلاقة جيدة معه كصحفي تابع الأحداث في تلك الفترة وحتى مابعد إنتهاءفترته كمبعوث أممي في اليمن.
 
لقدكنت أحرص على متابعته وفريقه وبينهم مساعده عبدالرحيم صابر ونداء هلال التي استقالت من العمل آنذاك ولاحقا عمر المخفي ومعرفة التفاصيل أولا بأول وأجريت معه عدة مقابلات مهمة في تلك الفترة ويحتفظ الرجل بذاكرة ثرية للأحداث في اليمن وللسياسيين والشباب والنساء والتفاصيل الدقيقة لكل ما جرى وكان لديه حينها نظرة متعمقة تجاه الأحداث في البلاد.
 
ولازلت أذكر عندما اتصلت به صباح توقيع المبادرة الخليجية وكان مازال في صنعاء وهوفي طريقه للرياض وهو يقول بأنه لم ينم منذ أيام بسبب الحوارات والتجهيزات لتوقيع المبادرة الخليجية.
 
أما كيف تم إقناع صالح فلدى بنعمر أطراف هذه الرواية التي ستحكى يوما للناس بالتأكيد لكنني أتذكر أنه عمل جاهدا على إقناع صالح وترهيبه بما يمكن أن يطاله من عقوبات في حال رفض التوقيع على المبادرة الخليجية بالإضافة طبعا إلى كثير من العوامل التي حدثت في تلك الفترة التي ساعدت في إقناع صالح بالتنحي عن الحكم في الثالث والعشرين من نوفمبر2011م وبينها أن السعوديين اقتنعوا بضرورة توقيعه على المبادرة الخليجية والتنحي.
 
لقد كان الإجماع الدولي أيضا في تلك المرحلة مساعدا على تنحي صالح عن السلطة لكنني اعتقد أنه لوكان مع مبعوث آخر غير بنعمر فلن يحدث والسبب أن بنعمر كما سمعت قصته منه هو مناضل مغربي يساري تعرض للإعتقال لسنوات في سجون الملك المغربي الراحل الحسن الثاني وعاش مرحلة تشرد بعد خروجه من المغرب قبل أن يصبح موظفا كبيرا في منظمة العفو الدولية ولديه خبرة كبيرة في العمل في بلدان الحروب والأزمات إذ عمل في أفغانستان وفي العراق أبان سقوط صدام والبوسنة كما روى لي ذلك بنفسه.
 
وربما أن نضاله السابق ومعرفته بالمنطقته العربيه دفعته إلى التعاطف كما كنت ألحظ في حواراته العامة أو في حواراته الشخصية مع الثورة اليمنية والثوار اليمنيين في الساحات وهو أيضا مادفعه إلى الضغط على علي عبدالله صالح لتوقيع المبادرة الخليجية في ظل موجة الربيع الهادرة آنذاك في كل العالم العربي.
 
من المهم أن أذكر هنا أنني في خلال معرفتي الأولى به كصحفي حرصت على أن تكون لي معه علاقة جيدة لكنه من أكثر الدبلوماسيين صمتا وتحفظا أمام الكاميرا وخلفها لكنك مثلا تستطيع أن تفهم بعض الإتجاهات من خلال الصمت والتحفظ .
 
فمثلا فهمت من خلال أكثر من حديث معه أن علاقته كانت متشنجة بالسفير الأمريكي السابق في اليمن جيرالدفيرستاين فهذاالأخير كان يدعم صالح لفترة ثم بعد ذلك ظل يدعم بقاء ابنه وأبناء أخيه في مناصبهم العسكرية .
 
وظل الإثنان كطرفي نقيض خلال تلك الفترة إذإن التقارير التي كان يقدمها السفير للخارجية والأجهزة الأمريكية كانت تؤثر على عمل المبعوث آنذاك .
 
ولاشك أننا لازلنا نتذكر رفض محمد صالح الأحمر قائد القوات الجوية اقالته من منصبه ورفض طارق صالح تسليم منصبه كقائد للحرس الخاص وأحد الألوية وكيف كان بنعمر يذهب بنفسه ليشهد الإستلام والتسليم.
 
لكنه قال لي في أحد المرات أن الرئيس عبدربه منصور هادي فاجأ الجميع عندما أصدر قرارات إقالة ابن صالح وابناء أخيه وعائلته من المؤسسات الأمنية والعسكرية.
 
عموما فلا يمكن بأية حال الإطمئنان لعمل أي دبلوماسي أو سياسي أو القول بأن مافعله كان صحيحا والتوقف عن وضع علامات استفهام على تحركاته وخاصة الانتقادات الكبيرة التي لحقته عقب زيارته لعبدالملك الحوثي في صعدة.
 
لكن ما الفرق بين زيارته لصعده وزيارة قيادات المعارضة للحوثي آنذاك في المعنى والدلالة؟
 
طبعا لست معنيا بالدفاع عن موظف دولي بهذا الحجم من القدر والمسؤولية أو توضيح موقفه فالذهاب إلى هذا الطريق سيعد نوعا من السذاجة والغباء بالنسبة لصحفي مثلي لكنني قدرت أن الكتابة عن بنعمر هي إضافة مهمة لما أكتبه عن مرحلة الثورة وما بعدها التي تعج بالكثير من الأحداث وقد كان هو جزء منها.
 
الآن وبعد تسع سنوات من قدومه لليمن ،هل كان بنعمر جزءا من شرعنة الإنقلاب أم لا كما يتهمه البعض؟
 
أعتقد أن تلك المرحلة وخاصة نهايات 2014م مليئة بالكثير من الأحداث وأن علامة الاستفهام تلك ستظل تلاحق بنعمرو' حتى يقدم جوابا للتاريخ عن ذلك بنفسه.
 
ما أتذكره الآن أنه كان يقول أن الجيران لن يتدخلوا ولايمكن أن يتدخلوا عسكريا في اليمن قبل أن تتدخل السعودية وتحالفها ليكون رأيه في تلك الفترة أن التدخل السعودي سيدخل اليمن في حرب طويلة لن تنتهي ولن تكون لمصلحته وهو ما حدث بالفعل.
 
استقال بنعمر من عمله كمبعوث دولي في اليمن في إبريل من العام 2015م بعد إعلان السعودية عاصفة الحزم في السادس والعشرين من مارس وبحسب معلوماتي فقد كان للسعودية ملاحظات على شخص جمال بنعمر وكان هو أيضا لديه ملاحظات على التدخل الذي نجني ثماره آلاما ومعاناة حتى اليوم بدءا من انقلاب الحوثيين حتى تدخل الجيران.
 

التعليقات