فبراير مبتدأ الثورة (1)
السبت, 25 أبريل, 2020 - 09:59 مساءً

بعد أن وصل الزميلان أحمد زيدان وعبدالحق صداح إلى صنعاء وجدنا أن الفرصة مناسبة لإعطائهما الحيز الأكبر للتغطية لنخفف قليلا الضغط على أنفسنا وكان الزميلان وخاصة أحمد زيدان متحمسا لثورة الشباب وكان أول من دخل ساحة التغيير بصنعاء وأعد تقارير من هناك عن أنشطة الشباب فيها وحراك الساحة .
 
فضلت في تلك الفترة أن أخفف عملي وظهوري على الشاشة بعد أن زادت التهديدات ،ومع ذلك ورغم المخاوف الكبيرة والعنف اللفظي الذي كان يمكن أن يصل للعنف الجسدي عند مروري في الشارع فلم نغير لا أنا ولا زملائي مواقع تواجدنا الدائم وكانت نقابة الصحفيين اليمنيين وهي خلطة من صحفيين من السلطة والمعارضة تتابع الإنتهاكات على عكس ما كان يجري في السابق لكنها كانت أقل من المستوى المطلوب دائما ، فحتى ذلك الوقت لم يكن أحد مقتنع بأن ما يجري يمكن أن يقود إلى إسقاط النظام أو حتى أقل من ذلك.
 
حتى أحزاب اللقاء المشترك التي كانت في ذلك الوقت تدير حوارا ماراثونيا فاشلا مع النظام لم تكن تفكر حتى بأن الحديث حول إسقاط صالح ممكن فقد نظمت خلال تلك الفترة مظاهرة كبيرة حضرها جميع قيادات اللقاء المشترك بينهم عبدالوهاب الآنسي أمين عام الإصلاح وياسين سعيد نعمان أمين عام الإشتراكي وسلطان العتواني أمين عام الحزب الناصري وكانت شعاراتها اقل من سقف مطالب الجماهير إذ كانت المطالب فقط إصلاح النظام والأوضاع الاقتصادية وحين خرج بعض المتظاهرين يهتفون من داخل المظاهرة برحيل النظام وإسقاطه وتحول إلى شعار للمظاهرة
قام المنظمون بفض المظاهرة سريعا خوفا من تحولها إلى اعتصام أمام النصب التذكاري لجامعة صنعاء وهو ماحدث بالفعل إذ حاول بعض المتظاهرين الإعتصام قبل أن تفرقهم قوات الأمن لاحقا.
 
حينها فكر الحزب الحاكم بفكرة لمنع المتظاهرين من تقليد ساحة التحرير بمصر بعد أن حاول المتظاهرون المطالبون بإسقاط النظام استحداث اعتصام في شارع التحرير بصنعاء وبدأ الحزب الحاكم بإنشاء ساحة تحرير مؤيدة لنظام علي عبدالله صالح وبدأ المعتصمون هناك بالمبيت في الساحة وكان يشرف على ذلك القيادي في حزب المؤتمر الراحل عارف الزوكا وشاهدته بنفسي وهو يقود المتظاهرين المؤيدين لصالح وكذلك كان القيادي حافظ معياد أبرز تلك القيادات التي أشرفت على تلك الإعتصامات وكان الإثنان يحثان انصار صالح في تلك الفترة على ملاحقة المتظاهرين ضد النظام بالهراوات ومنعهم من التظاهر والإعتداء عليهم ويمدونهم بالطعام والأموال وكامل الدعم.
 
حينها وفي بدايةفبراير2011دعاني والزميل أحمد زيدان عبده بورجي سكرتير صالح الإعلامي إلى مكتبه في صحيفة 26 سبتمبر ومررنا من أمام تلك المظاهرات في شارع التحرير وتعرضنا للشتم ونجونا من الإعتداء .
 
التقينا بورجي في مكتبه وبدأ يتحدث عن المظاهرات وسقف تغطيتنا وطلب منا التخفيف من التغطية وأن الإستمرار سيعرضنا للخطر وللمنع وكان واضحا أنه ينقل إلينا غضب صالح وأن اللقاء كان بإيعاز منه .
 
وهذه المرة قلت له أنا بصراحة إنه من الصعب علينا تجاهل المظاهرات ولكن في نفس الوقت سنغطي كل فعاليات النظام وحزب صالح .
 
ولأول مرة شعرت من خلال الحوار بالخوف الشديد من المجهول بقدر ما شعرت من حديث الرجل بفقدان البصيرة في التصرف مع ما يجري في البلاد.
 
بعدها لم يصلني هاتف من عبده بورجي فقد أصبحنا منذ ذلك الوقت أعداء رسميين للسلطة.
 
كنا جميعا ننظر إلى ساحة التحرير بمصر وقد خرجت عن بكرة أبيها وفي كل المحافظات للمطالبة بإسقاط النظام واجتذبت تلك المظاهرات الإعلام العالمي وفقد النظام هناك قدرته على المناورة وكلما تقدمت الثورة المصرية خطوة للإمام تقدم المتظاهرون في اليمن خطوات حتى جاء ليل الحادي عشر من فبراير عندما أعلن حسني مبارك تخليه عن السلطة بدأ التحول الحقيقي لربيع اليمن .
 
كنت حينها في مطعم ومقهى الخيمة في الحي السياسي بصنعاء مع مجموعة من الأصدقاء وقد تعودنا لسنوات طويلة اللقاء اليومي في المساء في زاوية من المطعم قبل أن تتحول لاحقا المقاعد التي بجانبنا في نفس المطعم إلى جلسات لبعض رجال الأمن والمخبرين.
 
كان يحضر جلستنا خلال تلك السنوات الأصدقاء غمدان اليوسفي وحمدي البكاري ونبيل الأسيدي وتوفيق الجند وصدام أبو عاصم ووليد البكس وأحمد الزرقة وآخرين، لكنني كنت تقريبا لا أفوت الجلسة المسائية العامرة بالقات والشيشة ولوفي وقت متأخر.
 
كانت الجزيرة تبث كلمة عمرو سليمان بتنحي الرئيس المصري حسني مبارك عن السلطة وصفق جميع من في المقهى وتنادى الجميع إلى مظاهرات بدأت أمام السفارة المصرية لتتوجه بعدها إلى ساحة الجامعة بصنعاء ويبدأ هناك أول اعتصام في ساحة التغيير .
 
أتذكر صوت ياسين سعيد نعمان وهو يقول منعونا من ساحة التحرير فأقمنا ساحة للتغيير.
 

التعليقات