مربي الأفاعي
الثلاثاء, 21 أبريل, 2020 - 12:59 مساءً

سنوات ما قبل ثورة 2011م اليمنية كانت سنوات غضب واحتدامات شعبية وكأن اليمن يتخلق من جديد .
 
البلد كله يغتلي والفوضى تعصف بالنظام.. كان علي عبدالله صالح الرجل الذي خبر اليمن أرضها وسمائها وقبائلها وسلطتها ومعارضتها يجهل البلد الذي حكمه أربعة وثلاثين عاما منذ صعد للسلطة عام 78م.
 
أنتجت عام 2008م فيلما وثائقيا للجزيرة موجود على منصة يوتيوب كان عنوانه (ميراث القبيلة) وكان يلخص قصة الدولة والقبيلة وكيف صعدت القبيلة على كتف الدولة منذ صعد علي عبدالله صالح إلى السلطة وأصبحت حاكمها بشكل أو بآخر.
 
وأتذكر أن الدكتور محمد عبد الملك المتوكل رحمه الله وقد أجريت معه مقابلة طويلة للفيلم في منزله بشارع الزراعة بصنعاء تحدث أنه قال لصالح:
 
أنت تربي الأفاعي من حولك الآن ولكنها ستلتهمك مستقبلا.
 
وأضاف قلت له : أنت رجل تكتيكي ولست استراتيجيا تعالج المشاكل بمشاكل أخرى وليس بحلول.
 
كان الدكتور المتوكل أحد السياسيين القلائل المندمجين في السياسة وحقوق الإنسان والذين يتحدثون لوسائل الإعلام دون خوف ولا تردد.
 
عنوان تلك المرحلة كان الفوضى وكانت القبيلة هي أحد أسباب هذه الفوضى التي أفضت إلى مانحن عليه.
 
أحد ضيوفي لهذا البرنامج كان حسين الأحمر ابن الراحل الشيخ عبدالله الأحمر وقد توجهت مع طاقمي إلى عمران شمال صنعاء .
 
عندما أشرفت على عمران هالني منظرها فهي منطقة جرداء كأن التاريخ لم يدخلها وفي وسطها سوق صغيرة وبعض المنازل التي قد تدل على أن المدينة في الألفية التي نحن فيها.
 
إلى منزل الأحمر توجهنا وهناك استقبلتنا القبائل مع حسين في منزلهم المعروف وكان بجانبه مجموعة من المشايخ بينهم حمود عاطف .
 
أجرينا المقابلة معه وفي صنعاء أجرينا مقابلة مع محمد ناجي الشايف ولكنني خرجت من منزل الشيخ الأحمر بعمران أسائل نفسي كيف يمكن أن تعيش داخل مجتمع دون أن تساهم في إصلاحه وأنت صاحب نفوذ وسلطة؟! بل كيف يمكنك أن تنام أربعين سنة بين هؤلاء وحالهم على هذا النحو.
 
لقد ظل الجميع يستخدمون القبيلة والقبائل في الحروب والثارات والحشود متناسين أن تجهيل القبيلة والمجتمع سيعود بالضرر عليهم وعلى كل البلاد وهذا ما حدث بالفعل.
 
كنت أشاهد الدولة وهي تحشد لحرب صعده ضد الحوثيين كما في كل حروبها خلال الحروب الستة ولازالت تفعل حتى اليوم .
وكانت قيادات القبائل التي تستلم المخصصات المالية تشارك في ذلك دون أدنى مسؤولية تجاه أبنائها الذين استخدمهم الحوثيون لاحقا وقودا في حروبهم ضد الدولة وضد تلك القبائل التي ساهمت في صناعة فكر الإرتزاق وتحويل القبيلي إلى مجرد بندقية.
 
سألت في نفس الفيلم صغير عزيز وكان عضوا في البرلمان آنذاك وقتل الحوثيون أحد أقاربه أين تجدون أنفسكم فقال مع الدولة في كل الأحوال، لكن محارق كانت تلتهم أبناء القبائل في كل حروب صعدة بفتات الفتات .
 
لكن السؤال هنا هل كانت حروب صعدة والحروب اليمنية قبلها من إنتاج علي عبدالله صالح وحده؟
 
وهل كان تعمد تجهيل أبناء القبائل وتركهم بدون تمدين مشكلة صالح وحده؟
 
كان الشيخ علي عبده ربه القاضي عضو البرلمان الذي التقيته في منزله بصنعاء لديه الإجابة حول تآمر الدولة على القبيلة قائلا إن القبيلة كانت أول المستجيبين لجهود الدولة في التعاونيات في عهد الحمدي في السبعينيات .
 
أو كما يرى الدكتور فؤاد الصلاحي الخبير بعلاقة القبيلة والدولة في اليمن بأن تعدد البنى القبلية والعصبية ناقض نظام الدولة وأن الصراع السياسي على السلطة أعاد إنتاج القبيلة.
 
الخلاصة أن رئيس الدولة في أي بلد هو المسؤول بشكل كامل عما يجري في البلاد، لكن علي عبدالله صالح لم يكن لفترة طويلة يحكم بنفسه كان علي محسن الأحمر والراحل عبدالله الأحمر هما شريكاه في الحكم بنفوذهما القبلي وبنفوذهما ومكانتهما داخل الدولة قبل أن تدخل عائلة صالح وفكرة توريث ابنه السلطة على الخط فيختلف الشركاء ويحاصرون مربي الأفاعي الذي ظل يفاخر برقصه معها رقصات طويلة لتأتي الأفعى الأخيرة فتكتب آخر رقصاته.

التعليقات