في النفق المظلم
الأحد, 19 أبريل, 2020 - 11:42 صباحاً

بعد انتخابات 2006 م التي فاز بها صالح انفجرت جميع أوجاع البلاد في وجهه فأحزاب اللقاء المشترك وأكبرها حزب الإصلاح شريكه التاريخي بدأت مرحلة النظال السلمي بمهرجانات جابت البلاد طولا وعرضا.
 
بدأت الأزمة الفعلية بين الإصلاح وصالح قبل انتخابات 2006 حين ألقى زعيم حزب الإصلاح الشيخ عبدالله الأحمر كلمة في مؤتمر الحزب قال فيها إن البلاد دخلت في نفق مظلم وهو ما فتح أبواب العداء بين الأحمر وصالح الحليفين التقليديين القويين الشيخ والرئيس كما كان يقال دائما عنهما.
 
حضرت أغطي هذا المؤتمر التاريخي للإصلاح الذي لم يمر بهدوء والذي كان علامة فارقة في مسيرة الحزب إذأسقط الحزب الجناح التقليدي المتشدد .
 
تعرفت آنذاك إلى وجوه كثيرة أحسب أنها أبرز الوجوه التي ساهمت في الدفاع عن حقوق الإنسان خلال تلك الفترة الصعبة من عمر البلاد .
 
كانت منظمة هود للحريات والدفاع عن حقوق الإنسان أبرز أولئك المدافعين ورغم أن رئيسها المحامي المعروف محمد ناجي علا كان ينتمي لحزب الإصلاح في تلك الفترة إلا أن المنظمة أمسكت بملفات كثيرة ودافعت عن قضايا كل الناس.
 
كان إلى جانبه في المنظمة الصديق خالد الآنسي والصديق عبدالرحمن برمان وأحمد عرمان وغيرهم.
 
من هناك تعرفت على قضية المعتقلين اليمنيين في جوانتنامو وقضية المعتقلين في سجون الحكومة بتهمة الإنتماء لتنظيم القاعدة والمعتقلين الحوثيين ولاحقا المعتقلين من قيادات الحراك الجنوبي وغيرها من قضايا الصحفيين والقضايا الحقوقية الأخرى.
 
في تلك الفترة أيضا لمع نجم توكل كرمان التي أسست منظمتها صحفيات بلاقيود ولازال مقالها الجريء الذي كتبته كما أتذكر في صحيفة الثوري ( أخرج إني لك من الناصحين ) حاضرا أمامي ،وتنصح صالح فيه بالرحيل والمغادرة من السلطة عقب تصريحاته برغبته بترك السلطة عام2006م .

 
لم أكن أعرف توكل حينها غير أنني كنت أتابع باحترام عملها الحقوقي الجاد وسط كثير من السخرية واللمز والتعريض من قبل السلطة وحتى المعارضة وكثير من الصحفيين.
 
كانت نموذجا لايتكرر ولا يمكن أن يتكرر لأنها تجاوزت الحدود والقيود .
 
وبينما كان النظام في تلك الفترة في أصعب أوقاته وكانت قبضته حديدية بدأت توكل بإنشاء ساحة الحرية والتظاهر أسبوعيا أمام بوابة مجلس الوزراء عام2007 م تتبنى قضايا المختطفين والمعتقلين والصحفيين وأصبحت الساحة هذه خلال فترة وجيزة ملاذا للكثير من المظلومين الباحثين عن حقوقهم ونظمت خلالها عشرات المظاهرات والإعتصامات.
 
في إحدى المرات كان هناك جدل كبير حول استقالة ناشطات وفي مقدمتهن الصحفية رحمة حجيرة وكانت اسما معروفا بالإستقالة من مؤسسة مشتركة مع توكل وقد تكون صحفيات بلاقيود ولا اتذكر حاليا السبب التقيت توكل في مكتبها بشارع النعمان صدفة لأول مرة قلت لها إن ما تفعله مؤثر ومهم ومقدر وأن عليها الا تستمع للمحبطين والمحبطات .
 
التقينا لاحقا في فعاليات عدة وأهمها قضية أهالي الجعاشن الذين هجرهم محمد أحمد منصور شيخ الجعاشن الإقطاعي من منازلهم واتهمه الإهالي بنهب وتدمير أملاكهم وتهجيرهم.
 
غادر أهالي الجعاشن إلى صنعاء مع نسائهم وأطفالهم وعبر المحامي عبدالرحمن برمان تعرفت إلى القصة ولازلت أتذكر أول لقائي بهم في ساعة متأخرة من الليل أمام بوابة عمارة السعيد في شارع الزبيري بصنعاء.
 
كانت قضية مؤثرة ومهمة وكانت أبرز ما اشتغلت عليه كصحفي وهي قصة تستحق بالفعل وكانت كل هذه القضايا مجتمعة تقض مضجع السلطات .
 
في مرة من المرات كنت أعد لتقرير عن أهالي الجعاشن واتصلت بمحمد أحمد منصور لأعطيه الحق في التعبير عن رأيه، لازال صوته الساخر يرن في أذني وهو يسأل باستغباء عندما قلت له أنني من قناة الجزيرة ماهي قناة الجزيرة صحيفة؟!
 
على وقع خلاف علي عبدالله صالح مع الشيخ عبدالله الأحمر عقب حديث الأخير عن النفق المظلم الذي دخلته البلاد انفض الحلف التقليدي القوي بين الطرفين وبدأت عداوة حقيقية بينهما وكانت فرصة سانحة لحميد الأحمر الطامح في السلطة لتصدر هذه المرحلة بإعلان لجنة الحوار الوطني في2009م بمشاركة أحزاب اللقاء المشترك ومكونات سياسية وبرئاسة رئيس الوزراء السابق محمد سالم باسندوه .
 
كانت كل هذه الأحداث وغيرها تهيأ البلاد لمخاض عسير وولادة صعبة.
 

التعليقات