سنوات الدراسة .. معهد تعز العلمي
السبت, 11 أبريل, 2020 - 01:59 مساءً

في معهد تعز العلمي بدأت رحلتي كان المعهد صرحا دراسيا شامخا ولاحقا أعلنت حكومة علي عبدالله صالح إلغاء المعاهد العلمية نهائيا بداية الألفية 2001 بعد خلافه مع حزب الإصلاح وشعوره بخطورتهم على حكمه عقب تمددهم في جميع أنحاءاليمن عبر النظام التعليمي وبعد نصائح غربية بإلغائها.
 
والمعروف أن المعاهدتأسست في عهد الرئيس إبراهيم الحمدي وكانت إدارتها تعود بشكل كامل للحركة الإسلامية في اليمن الإخوان المسلمون سابقا حزب الإصلاح حاليا ولأسباب تتعلق بالتخادم بين صالح والإخوان بقيت المعاهد العلمية في عهده حتى جاء قرار الإلغاء.
 
أعودإلى معهدي وهو واحد من نسخ المعاهد الموجودة في كل مكان في اليمن حينها فهناك معهد صنعاء العلمي ومعهد تعز العلمي ولكل محافظة معهد وأكثر من معهدلكن معهد تعز العلمي كان مختلفا جدا فهو كان إحدى الحاضنات الحقيقية لكثير من سياسي الحركة الإسلامية وحزب الإصلاح المعروفين منهم الأستاذ محمد قحطان فرج الله أسره .
 
كل الوجوه التي نعرفها في ذلك الوقت كانت تحضر بشكل أوبآخر للمعهد إما إداريين أو مدرسين أومو جهين أوفي النشاط الثقافي وبجانبهم مدرسين من سوريا ومصر والسودان ولازلت أتذكر الأستاذ علي النذير وهو استاذ سوداني كانت تربطنا به علاقة الأب والمربي وكان شاعرا وكاتبا وموجها في المعاهد العلمية وذكرني لاحقا الصديق نبيل الأسيدي الذي كان أحد طلاب المعهد في فترة لاحقة بصلاح عمر الاستاذ السوداني الذي كان يكتب في صحيفة الجمهورية ويشجع طلابه على الكتابة.
 
حاليا لاتحضرني كل الأسماء التي مرت بي في المعهد لكن يمكنني أتذكر إدارته القوية التي ظل ممسكا بها فترة طويلة الأستاذ أحمد سعيد فرحان وهو شخصية صارمة ومنظمة متميزة وكان أمينا عاما لحزب الإصلاح لفترات ولكنه لا يحب الأضواء رغم بصماته المهمة في التعليم الخاص والشأن السياسي بتعز والاستثمار حتى اليوم.
 
نأخذمثلا من نجوم تلك المرحلة من جيل سابق في المعهد شوقي القاضي عضو البرلمان حاليا وكان خطيبا مفوها ومعروفا وفي التسعينات نشبت بينه وبين قيادات في الإصلاح بتعزمعركة ضارية وخلاف كبير ولكنه تمكن من تجاوزه بذكاء وحضي بدعم قواعد الإصلاح للانتخابات البرلمانية في 2003م رغما عنهم إلا أن غبار تلك المعركة لاتزال آثاره باقية .
 
ومن بين طلاب المعهدأيضا علي حسين عشال عضو البرلمان الحالي عن محافظة أبين التي كانت عائلته تسكن في تعز بعد هروبها من أبين في مرحلة السبعينات.
 
هناك أيضا تعرفنا على شخصيات لأساتذة ومشايخ كانت تحضر بين التوجيه والتدريس عبدالملك الشيباني ،فاضل محمد عبدالله، عبدالملك داوود ، عبدالرحمن قحطان عبده محمد الراسني .
 
أما الطلاب في نفس مرحلتي الدراسية فهم كثيرون لكن يمكن أن أتذكر حاليا الإعلامي المعروف عارف الصرمي وكان صديقا عزيزا آنذاك ومالك قناة يمن شباب وسيم القرشي وجلال سيف الشرعبي وفهد عقلان وعاصم المحيا وهيثم عشال وآخرون.
 
ولا أنسى الأنشطة الثقافية التي كان يتميز بها المعهد والتي عملت على الإنخراط بها في مرحلة مبكرة ففي الصف السادس الإبتدائي مثلت طلاب المعهد في احتفال مسائي كبير عن فلسطين بتقديم كلمة وأتذكر أن كثيرا من وجهاء تعز حضره بينهم رجل الأعمال هائل سعيد رحمه الله.
 
وقداختارني مدير المعهد من بين كثيرمن الطلاب في اختبار تقديم فزت به أنا وكانت بداية جيدة، من بعدها عرفت إذاعة المعهد وكنت أحد نجومها.
 
لكنني لم أكن طالبا ملتزما فقدكنت مهتما بالأدب والقراءة والإذاعة والنشاط الثقافي والمسرحي والرحلات على حساب تحصيلي الدراسي وكانت علاماتي ضعيفة ألا أنني كنت أشارك بفعاليه في مواد العربية والقرآن والتاريخ والمواد المرتبطة بالكتابة.
 
كنت منغمسا آنذاك في قراءة الروايات وخاصة الروايات البوليسية والمغامرات وكنت أقضي جل وقتي في قراءة سلسلة رجل المستحيل ورجل المستقبل والشياطين ال13وغيرها من هذه الكتب ( كتب الجيب) لدرجةأنني قرأت المئات منها في مرحلة مبكرة ولطالما أمسك بي المدرسون في الفصل الدراسي متلبسابقراءة أحد هذه الكتب داخل الفصل أثناء الحصص خاصة أساتذة العلوم والرياضيات .
 
لازال الجرس المميز للراحة اليومية يرن في مسمعي وساحة المعهد الجميلة التي كانت تشهد مباريات كرة الطائرة والطعام اليومي الشهي في المقصف الخلفي للمعهد ويترائي ملتصقا بسور المعهد مبنى مكتب وزارة التربية والتعليم ومسجد المعهد الشهير والمعهد الإسلامي الذي كان جزءا من مبنى المعهد ومسجده ويستقبل طلاب العلم الشرعي ودرست فيه فترة ومن مشايخه محمد حزام المقرمي وعبدالواسع الذبحاني رحمهم الله.
 
خرجت من المعهد في الصف الأول الثانوي حيث ذهبت آنذاك للبحث عن أمان وظيفي قاصدا الإلتحاق بمعهد معلمين للتخرج معلما فبدأت من معهد قتيبة بن مسلم في مديريةالوازعية ثم معهد آخر في مديرية حمير ثم أنهيت جولتي في الصف الثالث الثانوي دبلوم معلمين في معهد الجند لكنني والحمدلله بعد تخرجي لم أتمكن من الالتحاق بوظيفة معلم فوظيفة المعلم لاتشبهني ولا أشبهها واعتقد أن من يصلح لهذه الوظيفة يولدبروح معلم بالأساس !!
 
رغم إلغائها لاحقا إلا أن الحركة الإسلامية في اليمن وخلال فترة تزيدعلى العشرين عاما التي أسست فيها المعاهد العلمية ومعاهد تحفيظ القرآن استفادت من هذه التجربة على كل المستويات وبينها التنظيمي والسياسي.
 
في كل تلك الفترة أثناء الإعدادية والثانوية تطورت موهبتي الشعرية وكانت اهتماماتي مختلفة تماما ولاعلاقة لها من قريب أومن بعيد بالتحصيل الدراسي الذي كان آخر اهتمامي وذهبت خلالل تلك الفترةافتح نوافذ للمهرجانات والأمسيات والصحافة والمجلات الثقافية وأتواصل مع مجلات عربية مثل الفيصل بالسعودية وروافد بالشارقة والكلمة خلال وأبتهج بنشر قصائدي فيها .
 
لم تحل ظروفي المادية والإجتماعية وكوني طالبا من أن أفرض نفسي وأقدم ماعندي، وأحيانا كثيرة تكون الظروف القاسية محفزا على الإبداع والحفر عميقا بحثا عن الذات.
 
سأتوقف هنا حتى لاتختلط الأمور ببعضها فللشعر ذكريات وحكايات سأذكرها في مواقع أخرى.
 

التعليقات