-هل من الضروري أن يموت الإنسان في وطني أو يمرض كي يتضامن معه المثقفين والمشهورين والمسؤولين، لماذا تحول التضامن إلى نوع من النفاق المبتذل والمجاملة الساقطة، في لحظة وجع ، نتذكر النضال ونستحضر عبارات البكاء وكلمات التضامن في الوقت الضائع ؛ نفتش عن بقايا صور مدفونه في ذاكرة جوال وفي نستعرض بها اهليتنا لهذا الرثاء ، وكأننا نسقط واجبنا ، أو نداري عورنا لإنسانيتنا الضامرة ، التي غابت في ركام الاهتمامات الخاصة ، والأستعراضات الهامشية ، ننسج مجد من خيط عناكب متهالكة.
- نسينا أن التضامن حالة إنسانية تعبر عن ذاتها وتفيض بها الروح كخيوط الشمس ، وندى الفجر على اوراق الزهر ، وسلوك يلون حياتنا العامة والخاصه ، ثقافة تترجمه مؤسسات التراحم الإنساني، والعطاء الرحيم في البذل الروحي والهبة القلبية ، يجخل من ممارسة استفزاز طفولية تمس كرامة الآخرين، من خلال إظهار طريقة عيشة في المنفى ، أو المقارنه بين وطنه الوهمي ووطنه الركام الذي تركه خلفة هاربا ، وأوكل مهمه استعادته لرجال مهمته أن يرثيهم.
إذا ماتوا بين الحطام، أو يتذكرهم بخبرشات بعض عبارات الذكريات الباهتة ، اذا كنا جدرين بإنسانية كريمة تضامنية ، فلنمسك عن استفزازنا للآخرين ، صور العيش الرغيد والابتسامة في وجه وطن محطم ، سلوك لا يليق بنا ، ولا بإنسانيتنا ، يقبض الكثير يديه في السر فلا يفيض إلا كلمات رثاء وعبارات العويل ، التي لا تعيد ميت ، ولا تشبع جائع ، وهو نفس العويل على وطن ، عجزنا أن تفيض إرادتنا فعلا سياسيا جمعي ، وممارسة مؤسسية فاعلة ، تجمعنا على هدف كبير بحجم الكارثة التي حلت بنا ، وفيه لمعاني فبراير ونقاءها ، وصادقة مع تضحيات المقهورين والانقياء المدافعين عن الثورة والجمهورية في المتاريس ، هؤلاء يرتقبون فعلا سياسيا يحول الدماء التي سالت، والجماجم التي سقطت ، والارواح التي فاضت إلى فعل سياسيا منجزا ، يتجاوز مراهقات الماضي التي أضاعت الوطن ، وطبع الضرائر التي تحالف مع كل الشياطين نكاية بشركاء الوطن والعمل الوطني.
- كثير من أصحاب الرثاء التافه يشعرك أنه يعيش اجواء انتخابية، لكسب الجمهور ، وهو لم يعد يجد مساحة من وطن بحجم صندوق الانتخابات ليعيش فيها ، أول هؤلاء رؤساء الأحزاب المحنطه التي لم يعد لها من دكاكينها سوى بضاعة الاسترزاق والانبطاح، وبيع المواقف ، هم في حكم الموتي سياسيا وواقعيا ، لكن ينفخ فيهم شيطان الاستعلاء الأجنبي والداخلي، ليبقوا على قيد الحياة، ليبيعوا ما تبقي من وهم ويقضون على ما تبقي من أمل.
- الرثاء الحقيقي اليوم يكون بصوت حر ، يستعيد للوطن القه ، ويفتح فتحة في الظلام ، وفسحه في الأفق المظلم ، صوت يرثي كل الحطام ، ويفتح فيه روح يمانية لا تموت، روح تستعلي على انانية المنصب والظهور ، وتقدم الأفضل وتعمل معا على قلب رجل واحد ، نحن بأنتظارك هذا البعث واختفاء الرثاء التافه من صفحات التباكي واللطم الكتروني ، وفتح صفحاتنا لمشروع وطني جامع نقاشا وانجازا ومواقف ، وهو في حدود الممكن ، لا مستحيل أمام إرادة التحرر ، بشرط أن نغادر مربع الانية والشعور بلذه الوطن الفندقي الآمن في المنفى، والتوقف عن الافتخار بأى فعل دون عودة الوطن، لدينا كل الطاقات وقداسة الفكرة والمبدأ ، إلا أن ما يخيفني إننا مازالنا نمارس الكثير من الأشياء التي تؤكد أننا لم نتأهل نفسيا لإستعادة وطن*!.