ملأ اسم الشيخ راوي سمع وبصر أهالي مدينة عدن حيث وجدوه مصلحا اجتماعيا وعالما دينيا و رجل خدمات من الطراز الأول، امتلك نظرة متوازنة رغم تخرجه من المدرسة السلفية المعروفة بتشددها، فقرر خوض الانتخابات المحلية في عام 2006 والفوز بمقعد في المجلس المحلي لمديرية البريقة وممثلا عن أبناء حيه.
كل من يعرف الشيخ راوي يأسره تواضعه فكان عاملا على باص أجره ويسكن بيتا بسيطا، فكان رجل ممن يكثرون عند الفزع ويقلون عند الطمع، كما ينقل عنه زهده في المناصب والسلطة.
وعند اجتياح مليشيا الحوثي و عفاش لمدينة عدن قاد الشيخ أقوى جبهة مقاومة امتدت من رأس عباس و حتى بير أحمد و أدار مصفاة عدن و حافظ على مخزونها النفطي فكانت مديرية البريقة عاصمة المقاومة بامتياز.
بدا الشيخ راوي أكثر وعيا و إدراكا بعد تحرير عدن، فدعم إجراءات فرض هيبة الدولة و استعادة المؤسسات و أيد قرار رئيس الجمهورية بدمج المقاومة في الجيش والامن، والتقاه في الرياض ضمن وفد لقيادات المقاومة في عدن.
لكن أياد خفية بدأت باللعب و اشاعة اللغط على الرجل بأنه ينتمي لتنظيم القاعدة!! فجأة وبدون مقدمات، الرجل الذي عرف عنه توازنه و خطابه الوسطي، بل و يترشح في انتخابات محلية!.
يحدثني مقربين من الشيخ أثناء الحرب بأنه كان يتجنب تموين المحروقات لبعض الجبهات التي كان يقودها بعض المحسوبين على القاعدة أمثال (أبو سالم) والذي كان يتحصل عليها من الشيخ هاني اليزيدي والذي عين مأمورا لمديرية البريقة لاحقا.
رفض الشيخ راوي عرضا من اللواء الشهيد جعفر - والذي ربطته علاقة وثيقة به- بتعيينه مأمورا لمديرية البريقة، وقرر أن يبقى بين الناس وخدماتهم.
أفاق أهالي عدن على خبر مروع في 31 يناير الماضي مفاده اغتيال الشيخ سمحان الراوي في ظروف غامضة و العثور على جثته مقتولا في منطقة العريش بخورمكسر وقد قيدت يداه و عصبت أعينه عن الرؤية!!
بدا المشهد مخيفا وذلك بعد يومين من الهجوم الانتحاري الذي استهدف قصر معاشيق الرئاسي ذهب ضحيته العشرات، وكانت آخر خطبة له بتاريخ 29 يناير بعنوان (حرمة الدم المسلم)!.
لم يعرف للشيخ راوي خصومات أو عداوات بل اشتهر بالاصلاح بين الناس ودعوته للحب و الاحترام، فمن الذي يقف خلف مقتله؟ و ما الهدف؟ و إلى أين وصلت نتائج التحقيق؟ هذا إن فتح تحقيق من أصله.
يحدثني طلاب ومقربون من الشيخ راوي عن معلومات تحصلوا عليها من عمليات بحث و استقصاء و تعقب تعرفوا خلالها على صور الجناة و هوياتهم، وقرروا ارسالها إلى الجهة الامنية التي لم تحرك ساكنا في القضية حسب إفاداتهم.!
تفيد النتائج بأن قتلة الشيخ راوي كانوا ثلاثة أشخاص أحدهم قدم من دولة الإمارات حيث يعيش بها واختفى بعد العملية، و يوصف الثلاثة بأنهم "بلاطجة" تم استئجارهم للقتل، وتم التعرف على صورهم عبر شريط تسجيل كاميرا مطعم (الكوثر) حيث التقوا الشيخ راوي على العشاء بعد أن تم استدراجه بحجة تحكيم وإصلاح بين شخصين.
ان التكتم على نتائج تحقيق بهذا الكم من الخطورة يفتح التساؤلات عن جدوى تلك الأعمال، خصوصا وإن الشيخ راوي لم يكن رجلا عاديا فهو قيادي بارز في المقاومة الجنوبية و شخصية لها وزنها و اعتبارها فهل يعقل أن تموت القضية في مهدها دون نتيجة أو تحقيق مع وجود خيوط كثيرة قد تكشف عن الفاعل،
شخصيا لم أعرف الشيخ راوي ولم أسمع به إلا أثناء الحرب على عدن و قيادته للمقاومة وثناء الناس، كل الناس عليه، و استغربت بعدها كيف تغيب الحقيقة و تخرس الألسن و يموت الضمير،
يضيف بعض طلابه بأن اغتيال الشيخ راوي استنكره الجميع حتى ممن اختلفوا معه في التصور و القناعات بمن فيهم (أبو سالم) ذاته!، فمن هو الفاعل؟
كل ما تقدم من شهادات المقربين من الشيخ راوي قررت أن أنشرها -بعد طول انتظار منهم- في مقالي و أشارك بها جمهوري و قرائي، لتعزيز الحقيقة و الشفافية التي يحتاج لها الجنوب في هذه المرحلة الخطيرة و الحساسة،
استبشرنا خيرا بتصريح اللواء شلال بالقبض على قتلة الشهيد جعفر، فماذا عن الشيخ راوي؟،
صدقوني لست أبالغ حينما أقول بأن القبض على الجناة وكشف الحقيقة سيزيد من رصيد القائدين عيدروس وشلال، ويضاف إلى رصيدهم الكبير عند الناس،
مجرد تحقيق هو المطلوب والاستماع إلى شهادات الناس و لنجعلها قضية رأي عام لابأس، فلا خوف من الحقيقة.
إن السكوت على عدم التحقيق في مقتل الشيخ راوي و كشف نتائجها للناس جريمة أخرى تضاف بحقه الى جانب اغتياله، فهل نسكت على جريمتين في آن واحد، لا أظن ذلك.. ودمتم.
كتابة خاصة للموقع