التعامل مع جماعة أنصار الله الحوثية على اعتبار أنها كتلة سياسية تنتهج رأياً سياسيا مختلفا عن رأي الشرعية اليمنية يعد انقلابا واضحا على تضحيات الشعب اليمني وخيانة لدم شهدائه، فجماعة حملت السلاح ضد الشعب اليمني بكل مكوناته السياسية والقبائلية، وتحالفت مع المخلوع علي عبدالله صالح بمشروع انتقامي مدمر، لا يمكن ان تكون جزءا من الحل ولا تستحق التنازل عن حق محاسبتها، والجلوس معها حول مائدة المفاوضات وتحديد مستقبل اليمن. قد تملك هذه الجماعة بعض مصادر القوة التي اغتصبت بها حق الشعب اليمني الحر، ولكنها لا تمتلك عدالة الموقف، ولا التوجه الوطني الصحيح، فالحوثية أضحت نهجا طائفيا مرتبطا عقائديا واستراتيجيا بالمشروع الايراني، تحارب وفق اهدافه ومخططاته، فليس هناك ضمن خياراتها جزء بسيط يعبر عن انتمائها لتاريخ اليمن ومصالحه وكرامته.
ليس من المنطق والاخلاق ان تقابَل تضحيات الشعب اليمني بخيانة، فالشعب اليمني الثائر على كل من انتهك كرامته وآدميته لا يمكن ان يتوقف كفاحه الشريف عند جماعة باعت ابناء شعبها ووطنها لمغامرة فارسية خاسرة.
قضية اليمن اليوم ليست بين خصوم وطنيين مختلفين في التطلعات والحسابات الداخلية.. بل بين الشعب اليمني وثورته - التي اقتلع بها صالح - وخيانة تلك الثورة واهدافها الوطنية، فجماعة غدرت بدم شهداء اليمن وحاولت حرمانه من استحقاقاته الوطنية التي قدم في سبيلها خيرة شبابة لا يمكن ان يوصف التعامل معها الا بالخيانة.
جماعة أنصار الله هي النسخة اليمنية لحزب الله اللبناني، فالتشابه بينهما ليس في اجزاء محددة دون أخرى، بل هناك تطابق تام بالاهداف والخطاب والاعداء والاصدقاء، والاسلوب المناسب للتعامل مع تلك الجماعة هو نفسه التعامل مع شقيقه اللبناني، وضعها على قائمة الارهاب وتجريم التعامل معها يمنيا وعربيا، فجماعة انصار الله لا تقل جريمة عن حزب الله، وخيانتها حقيقة صعب نكرانها، فقبولها كطرف اساسي في مشروع سياسي مستقبلي في اليمن لن يكون الا تأييدا مشينا لأخلاق الخيانة.
من كان يعتقد ان الشعب اليمني الاصيل يمكن ان يتقبل الخيانة فعليه اعادة قراءة تاريخ اليمن من جديد، فالشعب اليمني عرف بالحكمة ولم يعرف بالعمالة، فكل معطيات التاريخ والحاضر لا تؤيد مشاركة هذا المغتصب في مستقبل اليمن، مجلس الامن أصدر قرارا دوليا ملزما يقضي بتقديم زعيم جماعة انصار الله للمحاكمة الدولية على ما ارتكبه من جرائم بحق الشعب اليمني، ولكنه بقي قرارا معلقا، او مصادر الحق في التنفيذ، وهذا يعد انتكاسا اخلاقيا يضاف لانتكاسات عديدة لهذا المجلس الانتقائي في تطبيق قراراته، ولكنه قرار يمكن وصفه بالعادل في إجراءاته وظالم في تطبيقه.. الا ان الامر العادل لا يتوقف عند قرارات مجلس متردد من جانب، ومنحاز من جانب آخر لحسابات قوى كبرى لا يهمها استقرار اليمن ومستقبله وحقوقه الانسانية، لذلك سوف يكون وضع جماعة انصار الله على قائمة الارهاب هو القرار العادل والمستحق.
كاتب سعودي – نقلا عن صحيفة الرياض