وجهكَ جميلٌ جدا, باعثٌ للطمأنينة والأمل عندما أراه.. فمتى أراه؟
القلب لم يعد يبقيه إلا أنت, ولولاك لما احتمل..
لولاك ما كان صبر.
كيف لك أن تخلقَ كل هذه الصبابات وانت طيفٌ في الخيال؟
كيف للحظةِ خيالٍ واحدة أن تخلق أملا لحياة كاملة!
يقولون أن اللحظة الفارقة في حياة أسلافنا كانت لحظة خيالٍ عارمة, حينما رأوا البرق في السماء فتخيلوا لو أن لهم جذوةً منه في الأرض. ف نحتوا من الحجارة شفرة حادة وأشعلوا بها النار, ففتحت لهم النار أبوابا موصدة!
طهوا بها الطعام فتغيرت فسيولوجيا أجسامهم بطريقة هائلة, وتعلموا الالتفاف حولها فاستأنسوا الدفء والألفة والسمر ثم أوجدوا اللغة والكلام.
ويقولون أنها تلتها لحظةٌ فارقة أخرى, رأوا فيها أنفسهم يكسرون قيد خطواتهم الضيقة ويجوبون الأرض بجماحهم,
فروضوا الخيول! وانتشروا بعدها في الأنحاء وسكنوا كل الأرض.
يقال أن الخيال وحي.
الله من أوحى لمن جمحوا بخيالاتهم وليس لهم في أزمانهم مايهديهم إليها,
أوحى إلى صاحب البرديّـة القديمة قبل خمسة آلاف عام أن يكتب: أفعلُ ما هو ممدوح وأجتنـب ماهو مكروه.
وأوحى إلى بوذا بحقائقه النبيلة الأربعة.
وإلى ديكارت أن يشك, وإلى أرسطو أن يقول بألوهية المادة لأنها من ذات الله وانما الله هو المحرك!
وإلى درويش أن يقول: حبيبان نحن إلى أن ينام القمر!
وإلى شوقي أن يقول: لست أمام عيني لكنك كل ماأرى! ورائحة الشوق عند اللقاء.. كرائحة الأرض بعد المطر.
وإلى كامو أن يسأل: على ما جاء سيزف؟
لماذا أتى اللهُ به إلى هذه الأرض؟ يقضى عمرآ كاملا يحمل صخرةً إلى قمة الجبل, ثم تهوي, ثم يعود بها من القاع للقمة مرة أخرى ويكرر هذا لملايين السنين؟
ما الذي قد يجنيه سيزيف من هذا؟
بل وما الذي قد يجنيه منه الله؟
والذي قد تجنيه الصخرة نفسها, يسلمها سلسالٌ من البشر لآخر جيلا بعد جيل؟
وبرغم أن الناس يسخرون من السؤال, إلا انه لا أحد يجيب!
الله وحده ياحبيبي يعلم لماذا خلق الحياة؟ ولماذا حين خلقها خلقها إما بائسةً أو آثمة!
وبائسٌ من لم يأثم والمفازة فيها دائما للآثمين.
وحده يعلم لماذا خلقنا لنعيش لتعيش الحياة, ونموتُ لئلا تموت.
ووحده يعلم لماذا خلق الجبال والوديان والحب والحرية وتنهُد الرياح, وقد خلق القيود!
ووحده يعلم لماذا صار الرثاء في هدوء كصمت الغروب.
لايتعلقُ الأمر بالشوق, إنما بمن نشتاق.
اكتب اليك خطابي هذا على قطعة من وجهي, آملة بهذا أن يكون جميلا.
وأخبئ وجهك بين جفوني فتملأهما غمامتيك!
يال الغمامتين في عينيك!
يالهما ويالي.
يالهما إن امطرتا واغدقتا ويال ضيق العيش إن غابتا.
غزالٌ شارد لايستكين إلا إليك.
أنت من تشرقُ له بالشمس وتأتي بالنهار, وتبعث النسائم والمطر.
أنت الحق ودونك باطل, وأنت الاخر ودونك ماهو إلا سعيٌ في انتظارك.
أنت منتهى النعيم وكامل الرغبة, واول التمام واخره, وبعدك لامزيد.
يا رجلا شديد اللطف والطيبة, قلبه يشبه القمر ووجهه جميلٌ جدا, فمتى أراه؟