تأملوا هذا الكلام، الصادر من أكبر جنرال عسكري في تعز وستعرفون السرّ المباشر الذي يقع خلف معارك تعز المعطّلة والمتعثرة منذ ثلاث سنوات..!
"منذ سنة ونصف لم يستلم الجيش في تعز طلقة واحدة من التحالف العربي، منذ ثلاث سنوات للقتال والجيش في تعز لا يمتلك كاسحة ألغام واحدة، منذ ثلاث سنوات لم يستلم الجيش دبابة واحدة من التحالف ولا مدفع واحد طويلة المدى، منذ ثلاث سنوات وأكبر سلاح ثقيل استلمه الجيش هو عدد من المدافع أكبرهم مدفع عيار 105 وعربات محدودة معظمها قد انتهت في المعركة..!
الكلام أعلاه مقتبس من أول مكاشفة صريحة ورسمية، عن أبرز سبب مباشر لتأخر معركة الحسم الأخيرة في المدينة، خرج به قائد محور تعز اللواء خالد فاضل بالأمس في أول تصريح شفاف يوضح فيه أسباب تأخر حسم المعركة في تعز رسميًا، بالطبع هو ليس السبب الوحيد لكنه أحد أبرز الأسباب المتعمدة التي تقف خلف عشرات المعارك التي يعلنها الجيش للتحرير ثم تتعطل في المنتصف ولا نعلم عنها شيئًا..!
طبعًا، هذا التصريح والمكاشفة تأتي بعد ثلاثة أشهر من إعلان الجيش في تعز بدء معركته الأخيرة والمتعثرة، بدأت المعركة في أواخر يناير الماضي بعد عودة قادة الألوية من السعودية، هناك خاضوا نقاشًا مطولًا مع قادة التحالف وألحوا عليهم بضرورة حسم المعركة، سمح لهم التحالف بحسمها، ولم يمنحهم شيء، منحهم الإذن الشفوي وقعد يتفرج عليهم، أراد أن يتخلص من إلحاحهم وفي نفس الوقت يقيس مستوى القوة والتنظيم التي بلغها الجيش، بدأ الجيش معركة عصيبة داخل أحياء المدينة تقدم الشبان قليلًا في مناطق مفخخة بالكامل، وفي يومين سقط حوالي36 قتيلًا، التكلفة مخيفة مقابل تقدم محدود، شباب يخوضون معارك في مناطق ملغّمة دون وجود كاسحة ألغام واحدة، والتحالف يتفرج عليهم ويقهقه بعيدًا.. !
التحالف الذي أغرق عدن بكلّ أنواع السلاح الثقيل، عجز عن توفير كاسحة ألغام للمدينة، شعر قادة الجيش في تعز بأنهم واقعون في فخ المجازفة، يفقدون خيّرة شبابهم دون أن يحصدون شيئًا، فكروا قليلا ثم أوقفوا المعركة ولزموا مقاعدهم، وتنفس التحالف الصعداء بعد أن اطمئن بأن تعز ما زالت غير قادرة على الاكتفاء بقوتها الذاتية، وما زالت بحاجة إليه ولن تتحرر بدونه، وما دامت كذلك فليستمر مخططه في جعلها مصهرة للجميع دون أفق محدد ينتهي فيه القتال، حتى يأذن هو لها بالخلاص أو تصبح مسرحًا للفوضى حتى النهاية..!
باختصار: نحن إزاء جيش كبير في تعز منظم وجاهز لحسم المعركة_بصرف النظر عن الخلافات الهامشية فيه_وفي الوقت ذاته مكبل بمحدودية امكانياته التسليحية، وما دامت مصادر تموينه مرتبطة بيد التحالف فلن يتمكن من حسم المعركة، فما لم يستقل ماليًا ويكون قادرًا على تموين معاركه وشراء ما تنقصه من الأسلحة فإن المعركة ستظلّ رهينة بالممول، والممول اللئيم له مخططه الخاص به كما تعلمون، وليس في صالحه تحرير مدينة عوامل خضوعها له غير ممكنة، ناهيك أنها الحامل الأول لمشروع الاستقلال الوطني وحين تستقل بذاتها ستقوض كلّ مشاريع الوصاية على البلاد، وتشكل نموذجًا ملهمًا لباقي المدن، وما دامت كذلك من الجيد إبقاءها تحت ضغط الحاجة والذل زمنًا طويلًا، تفقد فيه المدينة عوامل استقرارها المحتمل وتظلّ غارقة في الفوضى والشتات، إلى أجل غير مسمى، وهذا هو الخيار الممكن لوقاية الأوصياء من خطر هذه المدينة واستقلالها عنهم..!
إنّها الحرب، قد تثقل القلب؛ لكن خلفك عار العرب..!