عزيزي محمد اليدومي: أنت رجلُ زاهد، لا تُحب حياة الترف، ما الذي يدفعكَ للعيشِ مختنقًا في المنفى ومنقوص الحرية..؟ أنت لست مجبرًا على البقاء، ولا يمكنك إقناعنا بذلك.
لملم قادة حزبك_يا شيخنا المبجّل_ وعُد إلى بلدك، عودوا إلينا الآن جميعًا؛ لقد إغتربتم طويلًا وهذا يكفي، عودوا إلى الأرض، هنا جذوركم الأولى، وهنا مصادر قوتكم، أنتم بحاجةٍ إليها أكثر من حاجتها إليكم، لا نقول لكم عودوا إلى الجبهات؛ لتقاتلوا، كما يهتف بعض الانتهازيين، فتلك ليست مهمتكم، اطمئنوا، نحن لا نحتاجكم مقاتلين، فهناك من يقوم بالدور بديلًا عنكم..!
فقط، عودوا لتشتغلوا سياسيًا من الداخل، هنا، في بلدك تستطيع أن تتحرك بحريّة أكبر، يمكنك أن تسجل مواقف تأريخية أكثر شجاعة إزاء ما يدور على الأرض، أنت على رأس حزب كبير وبحاجة لفضاء حرّ تستطيع فيه أن ترسم مواقف حزبك تجاه الجميع بوضوح جيّد، ما الذي يُجبرك على البقاء محنطًا في بلاد الأخرين.!؟
عُد إلى بلادك، يا سيدي، على أرضك لن تكون بحاجة لاستخدام تلك اللغة المنكسرة في مخاطبة الحلفاء، ستمنحك صحراء مأرب شجاعة أكبر في مواجهة كوابيس السياسة، وإذا ما اخترت تعز سيكون الأمر جيّدا أيضًا، في كلّ الحالات ومهما كانت البقعة التي ستحلّ فيها داخل بلدك، لا بدّ أنك ستكون رابحًا.
في البداية ستتغير نظرة المستضيف لك، وسوف يشعر بأنّك لست مستلبـًا كليا له ولو في مكان إقامتك، سيبدأ في التخاطب معك بلغةٍ تقديرية، وبالمقابل ستتمكن أنت من التخاطب معه بشيء من الندية. إذا كان الرئيس لا يستطيع أن يعود فما الذي يمنعكم أنتم من العودة ..؟
جرّب أن تشكر الحليف/ المستضيف وتغادر المنفى، إترك لهم مسؤول العلاقات الخارجية في الحزب وغادر مع أكبر عدد من قادة حزبك، وكي لا يرتابوا من مغادرتك، أوضح لهم أن الأمر ليس قطيعة بقدر ما هو رغبة في معاودة العمل السياسي من الداخل ووضع حدّ لاغتراب النخبة السياسية وانفصالها عن الواقع المعاش..!
تذكّر جيّدا: لا يوجد ما هو أكثر مشقة على المرء من الحياة تحت وصاية الأخرين، أسوأ من الاعتقال في الداخل هو أن تكون معتقلًا في الخارج، وإذا كنّا نحن في سجنٍ واحد فأنت في سجنين، سجن المنفى وسجن الوصاية معًا، صحيح، أنت لست معتقل بالمعنى العملي للكلمة؛ لكنك أيضـا لا تستطيع أن تُنكر أنك أقل حرية، وللدقة فلست وحدك بهذا الحال، فكل السياسيين مخنوقين مثلك، وهذا ليس قدرا جبريًا عليكم، بقدر ما هو ظرف قاسٍ يمكنكم التحرر منه بقليل من الشجاعة وكثير من حسّ الانتماء للأرض..!
أخيرا: واجب العودة للداخل لا يخص قادة الاصلاح فقط، هو نداء شامل لكل النخبة السياسية المغتربة ومن مختلف التيارات، تقع عليهم اليوم مسؤولية التحرر من الارتماء المستمر في أحضان الحلفاء، والتوجه للداخل. بعودتهم، سوف تتحقق مكاسب كبيرة؛ لعلّ أهمها إعادة ترميم التآكل الذي ينخر الواجهة السياسية للشرعية، ووضع حدّ لحالة الاستلاب الكلي الذي تعيشه الحكومة وعناصر تكوينها في خارج البلاد، مع إعطاء السياسة دفعة جيدة لحلحلة الجمود الذي يصبغ الواقع، ومنح الناس يقينـا جديدا بالانتصار..!
أيعقل : كيف نسى مسؤولينا بلادهم هكذا واستطابت لهم حياة الغربة بهذا الشكل المهين..!؟