في واحدة من القصص الطريفة أن رجلا مغفلا عاش بلا زواج، وظل يبرر هذا بأنه يريد أن يتزوج امرأة "حامل"، والأسوأ أنه كان ينتقد القوانين لأنها لا تسمح للزواج من حامل..!!
يبدو هذا هو ذاته واقع الأحزاب السياسية في عدن وقد تخلت عن وظيفتها النضالية، والأسوأ أنها تذم الواقع والظروف التي لا تسمح لها بالعمل النضالي!!
أحزاب كرتونية، حتى الكراتين عندما تحترق تثير لهباً ودخاناً أسود يملأ الأفق ويقول للناس إن حريقا وقع هنا، فيما تحترق هذه الأحزاب ولا تجرؤ حتى على أن تثير دخانا..!!
مع الوضع الاستثنائي للمؤتمر الشعبي، فالحزبان الأبرزان في عدن هما الحزب الاشتراكي، وحزب الإصلاح.. وفيما غادر الإصلاح إلى الرياض، واكتفى بالشعور بالأمان في حضن السعودية الدافئ، ولم يتوقف عن الحفاوة بمقابلة السفير السعودي على قناة "بي بي سي" التي أكد فيها على مخرجات الحوار وكأنه تعهد لهم مجددا بالوعد المقطوع، فإن الحزب الاشتراكي ظل مرتاحا للوضع وهو يرى الإمارات تسلم عدن إلى الكيان الذي أطلق على نفسه مؤخرا اسم "المجلس الانتقالي"، معتقدا على امتداد الفترة الماضية أن دولته ستعود، كون هذا التيار المؤيد للانتقالي بخلفية اشتراكية في الغالب.. ورغم هذا، يظهر الاشتراكي الآن شيئا من التململ وكأنه أدرك مؤخرا أن قواعده سخرت لخدمة مسار سياسي أرادت الإمارات أن تمضي به ريثما تنتهي من صناعة بديلها الذي تعيد به إنتاج نظام عفاش في الجنوب، ولعله يتذكر الآن كلمة "خالد بحاح" حين وصف الحراك بأنه مجموعة مشاغبين تجيد الفوضى، وعرف أنه بحاح لم يكن يتحدث بلسانه بقدر ما كان يعكس رأي الامارات في الحراك بأغلبيته الاشتراكية التي تمثل اليوم النسبة الأكبر من جمهور المجلس الانتقالي.
وفق هذا التوصيف، سلمت الإمارات إدارة الفصل للطالب الاشتراكي المشاغب، وخلاصة المفاجأة الصادمة أنه اتضح لهم اليوم أن تسليم إدارة الفصل للطالب المشاغب لا تعني أبدا أن هذا الطالب سيحصل على درجة النجاح نهاية العام الدراسي!!
هذه الصدمة لم يصب بها الاشتراكي وحده، بل أيضا الانتقالي الذي لا يبدو حاله أفضل، وعاش مع القائد الإماراتي في عدن كالمحرومة من الحمل التي تلجأ إلى الرضا النفسي بالحمل الكاذب، وتعيش تحت الشعور به لتسعة أشهر، ولا بأس بتكرار التجربة كلما تكررت السنوات..!!
لم تتحرك هذه الأحزاب شعبيا، ولا تحركت سياسيا لدى الإمارات لإقناعهم بضرورة اتخاذ سياسة صحيحة، ولا أظهرت احتجاجا بأي شكل، ولا قامت بممارسة أي نشاط تفرض به نفسها أو تفرض به مسارات سياسية أخرى.. ولأول مرة نسمع عن مناضلين ينتظرون من غيرهم أن يتطوعوا لهم بتسوية الأرضية الصالحة للنضال!!
هل يستمع قادة الأحزاب والمنظمات والنخب في عدن والجنوب إلى صوت عدن؟ أستبعد ذلك، ولو استمعوا إلى عدن لسمعوها تقول بصوت متقطع ممزوج بالأنين: أحتاجكم اليوم، أما عندما أكون بخير فلا أحتاج منكم شيئا، و"إذا قد أنا بخير، لا جُزيت خير"!!