تتفق أهم محافل التقدير الاستراتيجي أن عملية عاصفة الحزم حالت دون قيام «جمهورية الحوثيين الإسلامية» في اليمن. وأثبتت أن البأس العسكري حال دون ضياع اليمن جراء البؤس السياسي تحت مظلة المبادرة الخليجية أو اجتماعات جنيف-1 أو جنيف-2 أو سواها. وفي بيئة غير مروضة أخرى ولغياب الدور الإقليمي أو العربي العسكري في الأزمة السورية قررت الرياض ودول الخليج التدخل البري بناء على ما يمليه عليها دورها كقوة عظمى بمقاييس إقليمية، تحت شعار محاربة داعش، ولوقف انهيار فصائل المعارضة، وإلغاء نتائج التدخل الروسي الذي قلب الأوضاع ميدانيا. والأهم، لتغيير قناعات دمشق التي ترى نفسها أقرب إلى الحسم العسكري ولا حاجة لحل سياسي.
كعقيدة قتالية، فرض النجاح الضخم للحملة الجوية بحرب تحرير الكويت 1991م، تأكيد جدوى الحرب الجوية في الخطوة الافتتاحية بكل عملية عسكرية، وهذا ما حدث في عاصفة الحزم مارس 2015م، وعليه ستكون هناك في سوريا حملة جوية ذات هدف مزدوج ضد تنظيم الدولة الإسلامية ولدعم صمود الثوار في وجه قوات الأسد، ولعل وصول المقاتلات لقاعدة أنجرليك التركية مؤشر على ذلك.
في اليمن أوجد بناء رأس جسر في عدن مناطق اشتباك مع القوات «الصالحوثية» ثم ضخ الحياة في الجيش الوطني والمقاومة الشعبية وتحييد الجهاديين، وهو وضع قد يتكرر بسوريا، وسيسهله أن المعارضة المعتدلة قادرة على وقف انتكاساتها جراء الشقاق، ونقص السلاح النوعي، وفقدان السيادة الجوية، والحرب البرية لا تعني نزول قوات برية فقط، فكما حدث باليمن سوف تتحاشى دول الخليج وتركيا الزج بقوات برية تقليدية، فبسبب تحول الصراعات من حروب بين جيوش تقليدية إلى حروب لا متماثلة بين وحدات غير نظامية وجيش نظامي، ما أدى لتراجع دور القوات البرية عالميا في ظل اختلاف شكل التهديدات. فالقوات البرية منذ مطلع القرن كثيفة الحجم بلا قدرة على المناورة العملياتية، وبلا نظريات قتال جديدة للتعامل مع التهديدات اللامتماثلة، وحرب المدن، بل ولا حتى التصدي لهجوم خاطف من ميليشيا.
فما الحل إذا استرجعنا حقيقة أن القوة الجوية وحدها لا تنجز المهمة؟
القوات خاصة، والتي تتميز بالاستجابة وخفة الحركة، والقدرة على استخدام المناطق الرمادية غير الخاضعة لسيطرة الدول للقضاء على الملاذات الآمنة للمتطرفين. والقوات الخاصة متوفرة في الهياكل العسكرية التي ستدخل بها الرياض الحرب، في التحالف العسكري الإسلامي، وربما هيكل قوات التدخل السريع الخليجية.
بالعجمي الفصيح
استثمار نجاح حملة اليمن بالدخول بحملة جوية، وتقوية فصائل المعارضة المعتدلة وتحييد المتطرفة، ثم إنزال قوات خليجية خاصة سيقود إلى منع الأسد من إعادة سيطرته على سوريا.
كاتب قطري – نقلا عن العرب القطرية