عادت قضية الأمن لتفرض نفسها على القيادة الجديدة لمدينة عدن، التي تم تحريرها من قبضة ميليشيات جماعة الحوثي وقوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح في شهر يوليو/تموز من العام الماضي من قبل قوات التحالف العربي والمقاومة الشعبية، في خطوة اعتبرت مهمة لتحرير بقية مناطق البلاد التي أغرقتها الميليشيات بالحروب والصراعات ما أسفر عن سقوط الآلاف بين قتيل وجريح.
اكتسبت عملية تحرير عدن أهمية استثنائية للشرعية، التي اضطرت للخروج إلى الخارج بعد أن انقلبت بعض القوى السياسية على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، الذي استمر قرابة عام واستولت على السلطة بالقوة، لكن أحوال المدينة رغم التحسن في بعض جوانب الحياة، من بينها الجوانب الإنسانية، إلا أن القضية الأمنية تحولت إلى هاجس كبير لدى قيادة الدولة وتحديداً القيادة التي تتولى مسؤولية عدن.
وقد نشطت القوى الإرهابية المتطرفة كثيراً في المدينة خلال الأسابيع التي تلت عملية تحرير المدينة، حيث عملت على إرباك القيادة الجديدة، سواء باغتيال محافظ عدن بعد التحرير نايف البكري أو محمد سعد جعفر الذي جرى اغتياله قبل أسابيع قبل أن يتم تعيين عيدروس الزبيدي محافظاً جديداً مع تغيير مدير أمن المدينة، ولم يتوقف نشاط القوى المتطرفة، بل زادت وتيرته بشكل أكبر ورأينا عدداً من عمليات التفجير التي استهدفت نقاط تفتيش عسكرية وأمنية، كان أخطرها تلك التي وقعت قبل ثلاثة أيام على مدخل منطقة المعاشيق، حيث يقع القصر الرئاسي الذي يتواجد فيه الرئيس عبد ربه منصور هادي.
لا شك في أن قيادة عدن الجديدة والدولة بأكملها، وقوات التحالف العربي تدرك تمام الإدراك حجم التحديات التي تواجه عملية تثبيت الأمن والاستقرار في عدن، فهي مؤشر لكيفية إدارة المناطق المحررة، والقوى التي انهزم مشروعها في عدن، وبقية مناطق الجنوب لن تألوا جهداً في إبقاء المنطقة مشتعلة في هذه المناطق، ولهذا رأينا تصاعداً في عمليات الاغتيالات للقيادات العسكرية والأمنية وحتى الشخصيات المدنية التي لها ارتباطات بإعادة الحياة إلى طبيعتها في عدن، في مسعى من قبل القوى المتطرفة إلى خلط الأوراق وإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل تحرير عدن وبقية المناطق الجنوبية.
المعركة مع القوى المتطرفة لم تنته بعد، وتدرك الحكومة التي تتواجد هذه الأيام في مدينة عدن حجم التحديات التي تواجهها في إعادة تثبيت الأمن والاستقرار في عدن تحديداً وبقية المناطق المحررة بشكل عام، لابد لها أن تعمل بوتيرة أكبر من تلك التي عملت وتعمل بها حالياً لتجفيف منابع الاختلالات الأمنية التي تحاول القوى المتطرفة بواسطتها وضع العراقيل أمام الدولة في إعادة نفوذها في المحافظة محاولة بذلك التأكيد بأنها لا تزال صاحبة الكلمة الأولى في المدينة، لأن ذلك يوفر لمشروعها الاستمرارية ووجود الدولة يهدد هذا المشروع.
الضرب بيد من حديد هو المطلوب في هذه المرحلة لتثبيت هيبة الدولة والتنسيق مع قوات التحالف مطلوب لإعادة ترتيب الأولويات في عدن وبقية المناطق المحررة لتصبح نموذجاً لبقية المناطق التي لا تزال تحت سيطرة الانقلابيين.
نقلا عن الخليج الاماراتية