لا أحد يستطيع أن يقول ان الدولار كعملة احتياط دولية لا يواجه تهديدات حقيقية بل والنظام المالي النقدي الدولي الذي تقودة الولايات المتحدة خاصة في ظل تغير مراكز القوة الاقتصادية العالمية وبروز الصين كلاعب دولي.
بعد الازمة المالية والاقتصادية العالمية 2008 كان للصين دورا محوريا بالغ الأهمية وإلى حد ما الدول الصاعدة الأخرى التي لم تتأذى كثيرا من الأزمة في المساعدة في إنقاذ الاقتصاد العالمي. وفي اوج الازمة العالمية واجواء الانهيارات و التذمر من الدولار واسعار الصرف المعومة كانت هناك ردود فعل قوية و حالة من الصخب العالمي تقودة الصين وروسيا تنادي باعادة النظر بدور الدولار كعملة احتياط دولية.
وكانت الفكرة تتجه الى المطالبة باعتماد عملة عالمية لاتتاثر بسياسات دولة معينة وتحافظ على الاستقرار النقدي العالمي بحيث تقوم بوظيفة الاحتياطي النقدي العالمي تشبه ما كان كينز قد اقترحة في عام 1945 Bancor "راجع كتابات سمير امين" حيث اقترح رفع البانكور إلى مستوى العملة الدولية إلى جانب عملات أخرى وهذه العملة المقترحة هي عملة صندوق النقد الدولي .
والمطالبة برفع دورها الى مستوى إحدى العملات العالمية الى جانب العملات الدولية الحرة الأخرى وهي وحدات حقوق السحب الخاصة لدى صندوق النقد SDR: Special DrawingRights تمثل رأس مال الدول في صندوق النقد الدولي ومعتمدة في التعامل مع البنوك المركزي فقط "عملة محاسبية "وليس لها شكل مادي مثل الدولار لكن ولأسباب عملية كثيرة بعضها لها علاقة ليس فقط بحجم وحدات حقوق السحب الخاصة وصعوبة ان تقوم بدور ائتماني خارج النطاق الدولي الرسمي فقد اكتفت الصين وروسيا والهند والبرازيل ودول اخرى برفع انصبتها في رأسمال صندوق النقد الدولي "في وحدات حقوق السحب " وبهذا ارتفع حجم حيث أصبحت الصين القوة الثالثة في صندوق النقد الدولي وانتقلت روسيا والهند والبرازيل طبعا مع الصين إلى نطاق الدول العشر الأولى المقررة.
وهنا توقف الحديث العلني عن المطالبة بعملة احتياط دولية بديلا عن الدولار.
ان التهديد الذي يواجه الدولار لازال جديدا لكن على المدى المنظور لكن هناك صعوبات تحول دون تقويض دور الدولار اهمها :
تقوم الولايات المتحدة باعتماد استراتيجيات كابحة للتهديدات المحتملة لمركزية الدولار والنظام المالي الذي تديرة على أكثر من صعيد بما في ذلك زيادة هيمنتها العسكرية على العالم.
2-من خلال إنشاء مجموعة العشرين بحيث اصبحت 11 دولة ضمن هذه المحموعة التي انيط بها نظريا إدارة الاقتصاد الدولي في حين ضلت الدول السبع المتقدمة برئاسة صناعيا برئاسة الولايات المتحدة هي في حقيقة الأمر من يدير الاقتصاد العالمي إلى جانب صندوق النقد والبنك الدولي.
3- فرضت الولايات المتحدة ومعها الغرب عقوبات اقتصادية ضد روسيا وتخفيض أسعار النفط و الهدف هو قطع الطريق تنامي التهديد الروسي عليها فيما لو استمرت تنمو اقتصاديا.
4- لازال النفط يسعر عالميا بالدولار وهذه السلعة توفر نوع من الضمان والأمان للدولار ومع زيادة استثمارات الولايات المتحدة في مجال النفط الذي دعمة ترامب بمعزل عن معارضة أنصار البيئة سيتضن بقاء هذه السلعة ضامنة.
5- تستثمر الصين أكثر من ترليون دولار من احتياطياتها النقدية التي تقدر باكثر من 3. 4 تريلون دولار كونتها من فائض ميزانها التجاري تستثمر في أذون الخزانة الأمريكية رغم أسعار الفائدة السلبية. ولهذا أي إضعاف للدولار سيضر بالصين نفسها.
6- لازالت الصين تسير وبتروي وتدرج عندما يتعلق الامر بالدور المستقبلي الذي سيضطلع به اليوان عالميا وهي لم تستجيب لمطالب الغرب بتعويم اليوان وهو الأمر الذي يجعلها نسبيا بمنأ عن موجهة الاضطراب والصدمات المالية.
7-تستثمر الدول النفطية الخليجية أكثر من ترليون دولار في أذون الخزانة الامريكية "وقد زادت المملكة استثماراتها في أذون الخزانة الأمريكية في فبراير2017 با"10مليار دولار
8- تقوم سياسة اليابان ثالث اقتصاد في العالم على دعم مركزية الدولار عالميا.
في الوقت الراهن أكثر التهديدات الجدية التي تطال الدولار تأتي من داخل الولايات المتحدة الأمريكية ذاتها وهو ناتج عن ارتفاع دينها العام إلى أكثر 129% من ناتجها المحلي الإجمالي وناتج أيضا عن ممارسة الولايات المتحدة سياسة التسهيل الكمي و الإقراض الرخيص"طبع النقود " وهو الأمر الذي سيهز ثقة العالم بالدولار كما ان السياسة الاقتصادية الانعزالية التي يتبعها الرئيس ترامب وخاصة سياسة ا لحمائية هي من ستضعف من دور الدولار كعملة احتياط دولية.