لا أحد٬ باستثناء إيران والدائرين في دائرتها٬ سيتردد في الإجابة على هذا السؤال. إذا لم يكن الحرس الثوري بميليشياته المنتشرة بالمنطقة العربية٬ وبانتهاكاته الصارخة في سوريا والعراق٬ ودعمه الرسمي والمعلن لـ«حزب الله» والحوثيين والحشد الشعبي وغيرها٬ واغتيالاته للدبلوماسيين حول العالم٬ إن لم يكن كل هذا هو الإرهاب٬ فمن هي الجماعات الإرهابية إذن؟! ومع ذلك فللتو فقط «تدرس» الولايات المتحدة مشرو عا بقانون٬ نشرت «الشرق الأوسط» تفاصيله أمس٬ وقدمه السيناتوران الجمهوريان تيد كروز وجيم إينهاف بإدراج الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية تهدد أمن العالم٬ وذلك بالتزامن مع مشروع يلوح في الأفق بمجلس النواب يهدف إلى «مساءلة المرشد الإيراني»٬ بوضع الحرس الثوري وفيلق القدس على قائمة المنظمات الإرهابية التي تهدد المصالح الأميركية٬ وهي خطوة من المبكر الحكم على نجاحها في إقرار مثل هذا القانون٬
لكن في الوقت نفسه يمكن القول إنها بصيص من الأمل في النظر للحرب ضد الإرهاب بمسطرة واحدة٬ والتي لن تؤتي أكلها طالما يعرف العالم هذه الجماعاتوانتهاكاتها ويحذر منها٬ غير أنه لا يقوم بالخطوة الأهم وهو تصنيفها بأنها إرهابية٬ بدلاً من السماح لدولة مثل إيران أن تتعامل مع ذلك وكأنه جزء لا يتجزأ من بنيوية الدولة٬
ها هو الحرس الثوري منظمة لا تقل خطورته عن الجماعات الإرهابية المتلبسة بلباس الدين٬ بل يفوقها ش ًرا باعتباره يحظى بمظلة رسمية تتمتع بمزايا لا يمكن لجماعات مثل «القاعدة» و«داعش» الوصول إليها.
قامت الميليشيات شبه العسكرية التي تضم أغلبية شيعية وتعمل تحت مظلة الحشد الشعبي بعمليات إعدام خارج نطاق القضاء٬ وتعذيب واختطاف آلاف الرجال والفتيان٬
وواصلت استعمال طيف واسع من الأسلحة والذخائر في ارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان وانتهاكات للقانون الدولي الإنساني٬ بما في ذلك جرائم حرب٬ أو في تسهيل ارتكابها دونما أي خشية من العقاب»٬ هذا ليس رأًيا ولا وجهة نظر٬ هذا جزء بسيط مما قاله التقرير الذي أصدرته منظمة العفو الدولية مؤخرا٬ بالطبع انتهاكات الجماعات الخارجة عن القانون وإطار الدولة لم تعد استثناء بل قاعدة للأسف٬ جماعات تعيث فساًدا وهي مصنفة دولًيا بأنها جماعات إرهابية٬ فما بالك إذا كانت هذه الجماعات تمارس انتهاكاتها برعاية رسمية؟! بل إن الجزء الأخطر من تقرير منظمة العفو الدولية هو ذلك الذي يحمل الحكومة العراقية مسؤولية الجرائم التي ترتكبها هذه الميليشيات باعتبارها تغطي انتهاكاتها وهي التي تسلحها وتمول عملياتها٬ أي أن كل الدول التي ترسل السلاح إلى الحكومة العراقية تساهم بطريقة غير مباشرة في هذه الانتهاكات.
تصنيف الجماعات الإرهابية بالمنطقة للأسف لا يزال يبنى على أساس طائفي٬ وهو بالتأكيد يقلل من فعالية الحرب ضد الإرهاب. من يصدق عدم تصنيف «حزب الله» وفيلق القدس والمنظمات الطائفية العراقية التي تقاتل إلى جانب بشار الأسد في سوريا على لائحة الإرهاب حتى الآن؟ كما أن الانتقائية في تصنيف الجماعات الإرهابية تطيل من أمد الحروب في المنطقة وتزيد من حجم التوتر والفوضى٬ وفي النهاية نتساءل: لماذا الإرهاب يتزايد بالمنطقة ولماذا الطائفية تستعر على الرغم من كل جهود الدولية لمكافحته؟!
هو إرهابي٬ سواء أكان القاتل سنًيا أم شيعًيا٬ سواء كانت الجماعة «داعش» أو «القاعدة» أو «حزب الله» أو الحشد الشعبي٬ لكن الإرهاب لا طائفة له٬ فالذي يقتل بريئًا الإرهاب باق ويتمدد متى ما كانت المعايير التي تتحكم بتصنيفه تقوم على أسس طائفية وتستغل سياسًيا بشكل بشع.
* الشرق الأوسط