تكلمت في مقالي الأخير عن أهمية المشروع السياسي الجمعي الذي نحن في أمس الحاجة إليه، وذلك في خضم المواجهة الشاملة مع مشروع الاستقواء بالسلاح، ولمزيد من التوضيح فإن الانقلابيين كرأس حربة لهذا المشروع كانوا يدركون بكل يقين أن الحوار السياسي الذي أفضت إليه نضالات الحركة الوطنية وتبلور بشكل واضح من خلال الاندماج القوي لكل القوى والتيارات الوطنية في مشروع الحوار السياسي عبر مؤتمر الحوار الوطني، كانوا يدركون أن هذا المشروع السياسي هو مشروع نضال وحياة، سيهزم مشروع السلاح والعنف والموت الذي يدافعون عنه بكل استكبار.
كان الانقلابيون وما زالوا يعتقدون أن توزيع السلطات على مستوى الأقاليم والمدن يعني أن الحق سيغلب القوة، حيث ستصل حقوق الناس إليهم، وستخسر القوة احتكارها الذي كانت تمارسه بدون حق تملكه إلا حيازتها للسلاح ولهذا عني مؤتمر الحوار بهذا الملف كثيرا ليوصل الجميع إلى فهم مشترك يخدم اليمنيين وأجيالهم بالاستقرار لقرون مديدة من خلال إذعان قوة السلاح لحق الناس في الحياة.
وعندما رأى الانقلابيون أنهم خاسرون لا محالة بل وأن عليهم تسليم ما بأيديهم من سلاح، والاستسلام للمشروع السياسي، قادهم خبثهم لأن يكونوا أدوات رخيصة بأيدي مشروع استبدادي أكبر يحاول العبث بالمنطقة والعالم، ومن هنا ذهبوا لإشعال الحرائق وإعلان الحرب ورفض كل المشاريع السياسية، معتقدين بذلك أنهم سيحاصرون الشعب وشرعيته السياسية في زاوية ضيقة وهي زاوية حمل السلاح للدفاع عن أنفسهم وحقوقهم، والتخلص بضربة واحدة من كل المكتسبات التي حققتها نضالات الحركة الوطنية ومؤسساتها السياسية..
هذا كان هدفهم ولا يزال، ومن هنا نستطيع أن نفسر ونفهم لماذا كانوا ولا يزالون مستميتين في حشد كل ما أمكنهم من إمكانات الوطن لأجل مشروع السلاح والحرب؟ لماذا يصرون على استخدام القوة القاتلة المدمرة ضد المواطنين وتجمعاتهم منذ الأيام الأولى للحرب؟ لماذا كدسوا كل كميات السلاح المهولة على حساب قوت الناس وخدماتهم؟ من هنا نفهم كذلك لماذا ينهبون البلد؟ ويستولون على مؤسساته؟ ويحتكرون كل مصالح الناس؟ كل هذا حتى ييأس الجميع من أن هناك شرعية سياسية تسعى جاهدة للحفاظ على حقوقهم.
إنهم يريدون أن يطبعوا حياتنا جميعا بهذا المشروع العنيف ليحكم السلاح والسلاح فقط، حتى في المناطق التي قد خسروا أمام مقاومتها وانتصرت لحقها بعدم الخنوع لاستبدادهم.
وهنا تبرز أهمية النضال السياسي باعتباره الخيار الاستراتيجي الوحيد الذي لجأ إليه شعبنا من خلال قواه السياسية بنسق جديد عبر مؤتمر الحوار الوطني بقيادة شرعيته السياسية الوطنية ممثلة بالرئيس هادي، وتزداد أهمية القوى السياسية اليوم واهمية تفعيل دورها النضالي نظرا لواقع المعركة المسلحة الناشبة اليوم مع عناصر الانقلاب وكما نعلم جميعا أن النضال السياسي بكل فعالياته يميل بكل قوة لصالح شعبنا ومقاومته وقواته المسلحة إذا تم التوظيف له من خلال برنامج إنقاذ سياسي جمعي يرسخ لكل الانتصارات التي تتحقق اليوم.
إن على جميع القوى السياسية أن تواصل نضالها والاحتشاد خلف الأخ الرئيس وهو يواصل إعادة بناء مؤسسات الدولة وفِي مقدمتها مؤسسة الدفاع والأمن، وأن تعزز حضورها لدى المواطن، وأن يكون هذا الحضور قويا عبر برنامج مشترك مطمئن هدفه المواطن، بأن الواجبات التي يؤديها اليوم للدفاع عن وطنه ومشروعه يقابلها حقوق لهذا المواطن تعزز أمنه واستقراره وحريته وخدماته.
إن نضالنا السياسي هو حقنا في الحياة الذي سيهزم الانقلابيين وباطل قوتهم.