بعد أشهر من المراوغات السياسية والكذب على الوسطاء المحليين والإقليميين والدوليين ورغبته في الحلول السلمية، أعلن الرئيس السابق علي عبدالله صالح، أنه ضد الحوار القائم للخروج من الكارثة التي يعيشها اليمن منذ عدة أشهر، بفعل الحرب التي شنها ويشنها مع جماعة الحوثي ضد اليمن بأكمله.
في اجتماع ترأسه أمس الأول للجنة العامة لحزب المؤتمر الشعبي الذي يتزعمه، أكد صالح أنه لن يذهب إلى الحوار لا إلى جنيف ولا إلى أديس أبابا، وهو المكان المرجح لعقد الجولة الثانية من مفاوضات سويسرا لحل الأزمة في البلاد، مطالباً بحوار مباشر مع المملكة العربية السعودية، وهو بذلك يريد أن يتجاوز شرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي الذي يعترف به العالم أجمع.
حاول صالح الإيحاء بوقوف روسيا إلى جانبه، مدعياً أنها دولة محايدة، ونسي أن كافة القرارات التي اتخذها مجلس الأمن الدولي بشأن اليمن بصمت عليها روسيا ولم تعترض عليها، بما فيها القرار 2216، الذي ينص على خروج الميليشيات المسلحة من المدن التي تم احتلالها في شهر سبتمبر/ أيلول من العام 2014 وتسليم الأسلحة الثقيلة للدولة.
أكثر من ذلك أن أعاد صالح استخدام لغة التهديد والوعيد ضد الجميع قائلاً إن «الحرب لم تبدأ بعد»، وهو بذلك يشرع الأبواب أمام تصعيد جديد من شأنه أن يزيد من الاحتقان السياسي والعسكري ويجعل المسافات للوصول إلى حلول سياسية بعيدة المنال.
من السهل قراءة ما يدور في رأس صالح، لأنه ببساطة صار كتاباً مفتوحاً للكثير ممن عاصروه خلال مدة حكمه الطويلة الممتدة لأكثر من ثلاثة عقود، يريد ببساطة ممارسة أقصى الضغوط للحصول على بعض المكاسب السياسية، خاصة بعد أن شعر بأن الخناق بدأ يضيق عليه وبأن الأوهام التي عاشها خلال أشهر الحرب بدأت تفر من تحت يديه، وهي أوهام العودة إلى السلطة عبر بوابة العنف والفوضى.
لا يريد صالح الاعتراف بأن مشروعه التدميري لليمن قد هزم، صحيح أنه تحالف مع جماعة اعتقد أنه يستطيع تطويعها لمشروعه، إلا أنها هي الأخرى اعتقدت أن بإمكانها ترويض «الجبروت» الذي تمكن من قتل الآلاف من أنصارها في ست حروب خاضها ضدهم، ولم ولن تنسى ما قام به تحت وهم التحالف في الحرب ضد «العدوان الخارجي»، لكن في الحقيقة فإن الطرفين لا يحاربان إلا اليمنيين ولا يدمران إلا اليمن.
يهذي صالح عندما يتوعد الجميع، ويتحدث كما لو أنه لا يزال يتحكم في مصير البلاد والعباد مثلما كان قبل سقوط نظامه في عام 2011، ونسي أنه لم يعد ذلك الذي باستطاعته أن يقرر مصير شعب وحده، كما أنه يريد أن يؤكد أنه ما زال قادراً على إعادة خلط الأوراق في الساحة اليمنية من جديد.
في تهديداته الأخيرة كشف صالح نفسه أكثر من مرة تناقضاته ومراوغاته، وأظهر للشعب اليمني الطبيعة الدموية لمن حكمه لفترة تزيد على 30 عاماً، وفي الخلاصة فإن صالح ليس لديه مشروع سياسي لحل أزمة بلد تتفاقم كل يوم، بل مشروع حرب وقتل وتدمير، فإصراره على مواصلة الحرب يعطي دليلاً آخر للأشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي كم كانوا مخطئين عندما اصطف بعضهم إلى جانبه ظناً منهم أنه يحب اليمن، وتأكدوا اليوم أنه الشخص الذي دمر بلده ويريد تدمير جيرانه بالإصرار على الحرب حتى النهاية.
نقلا عن الخليج الاماراتية