[ أحد شوارع العاصمة صنعاء ]
تشهد الشوارع في مدينة صنعاء حالة من التدهور بفعل الإهمال وغياب مشاريع الصيانة، وبالتقادم تتضاعف الأضرار بشكل كبير، خصوصا مع هطول الأمطار خلال فصل الصيف وتدفق السيول، الأمر الذي يفاقم من حالة الخراب في شوارع المدينة، حيث تزداد الُحفر ويتلف الإسفلت بشكل متواصل، وهو ما يشكل عائقا أمام حركة المرور ويلحق الأضرار بالسيارات والمركبات داخل المدينة.
يشكو صالح الحيمي (48 عاما) -وهو سائق تاكسي- من كثرة الحُفر والمطبات في شوارع صنعاء. ويقول إن ذلك يلحق الأضرار بالسيارات، لا سيما المنخفضة منها كـ"سيارات التاكس".
وأشار إلى أنه بات يُجري عمليات صيانة متكررة لسيارته على نحو يفوق ما كان عليه الأمر في السابق، وذلك بسبب الأضرار التي تطال سيارته خلال السير المتواصل في شوارع مكسرة ومليئة بالحفر.
يؤكد الحيمي أن الكثير مما يكسبه من عمله في التاكسي بات يذهب للصيانة. يقول بنبرة إحباط: "كأن مشكلة ارتفاع البنزين وانخفاض حركة العمل في صنعاء لا يكفي لتأتي مشكلة الشوارع المكسرة وتضيف مصروفات إضافية تذهب للصيانة".
وتشهد البنية التحتية لقطاع النقل في صنعاء والمناطق الأخرى الواقعة تحت سيطرة الحوثيين تدهورا ملحوظا منذ سيطرة الجماعة على تلك المناطق أواخر العام 2014.
ويشكو الكثير من السائقين من تضرر الشوارع العامة داخل المدن إضافة إلى خطوط النقل التي تربط بين المحافظات، حيث بات السفر من صنعاء إلى تعز (250 كلم) يستغرق من ثمان إلى تسع ساعات بعد أن كانت لا تتعدى الست ساعات، بحسب توفيق القدسي، الذي يعمل سائقا في خط تعز-صنعاء، ويرجع السبب إلى تضرر الطريق الواصل بين المحافظتين، من ذلك تشكل الكثير من الحفر وتلف الإسفلت.
أضرار متفاقمة
وأفضت الأمطار والسيول المتدفقة في أمانة العاصمة هذا العام إلى حدوث المزيد من الأضرار في شوارع وأرصفة وطرق المدينة، ويشمل ذلك كل خطوط السير من ضمنها "الستين" و"السبعين" أبرز شارعين في صنعاء.
وتتسبب تلك الأضرار المتزايدة في شوارع المدينة في إبطاء حركة السير وازدياد الاختناق المرورية داخل العاصمة إلى حد يغدو فيه قضاء مشوار إلى وسط المدينة في منتصف النهار مسألة شاقة ومنهكة، بحسب فتحي جابر، وهو موظف في شركة خاصة، يقول إنه يقضي كل يوم 30 دقيقة في الذهاب إلى مكان عمله و30 أخرى في مشوار العودة بسبب تلف الشوارع الذي يخلق ازدحامات متواصلة.
وذكرت دراسة نشرها "مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي"مطلع يونيو الماضي، أن الانقلاب الحوثي تسبب في الإضرار بالبنية التحتية لقطاع النقل في اليمن بشكل مهول، وأفضى إلى إيقاف مشاريع طرق الريف وتعطيل عقود صيانة الطرق والجسور داخل المُدن.
إحصائيات
وبحسب الدراسة فقد تعرض نحو 29٪ من إجمالي شبكة الطرق داخل المُدن لمستويات عالية من الضرر، بينما تعرض أكثر من500 كلم من البنية التحتية لقطاع النقل للدمار الكلي في اليمن.
وطبقا لتقرير "تقييم الأضرار" الصادر مؤخرا عن "صندق صيانة الطرقات" التابع للحكومة الشرعية، فإن نحو (1241 كلم) من مساحة الطرق تضرر بشكل كبير في عدد من المحافظات اليمنية، أبرزها، صنعاء وعمران وصعدة وتعز.
وقدر التقرير إجمالي الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية في قطاع النقل البري بـ 16 مدينة يمنية ما بين 240 و 293 مليون دولار، وتلك نسبة أقل من تلك التي قدرها البنك الدولي لإصلاح أضرار قطاع النقل في اليمن والبالغة نحو 500 مليون دولار.
تنصل من المسؤولية
تمتنع جماعة الحوثي عن إجراء عمليات صيانة للطرق في مناطق سيطرتها على الرغم من أن حجم الإيرادات السنوية التي تُحصّلها بشكل رسمي يصل إلى 1.8 مليار دولار وفق تقديرات لجنة فريق الخبراء التابعة للأمم المتحدة.
إلى جانب اعتماد الجماعة على مصادر تحصيل أخرى غير رسمية تتبعها لجمع الأموال تحت ذرائع متعددة كدعم المجهود الحربي وقيامها بمصادرة أموال وممتلكات معارضيها والسطو على شركات القطاع الخاص في مناطق سيطرتها، والاستحواذ على المساعدات التي تقدمها منظمات الإغاثة.
يقول مصدر اقتصادي قريب من الحوثيين (فضل عدم ذكر اسمه) في حديث لـ"الموقع بوست"، إن الجماعة توجه العوائد المالية التي تُحصّلها من الإيرادات العامة إلى جبهات القتال ووسائل التعبئة والتحشيد القتالي في المحافظات الخاضعة لسيطرتها، مؤكدا أن ذلك بمثابة أولوية بقاء بالنسبة للجماعة خصوصا في هذه المرحلة.
إثراء خاص على حساب المشاريع الخدمية
لكن تقريرا لـ"مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي" صدر مطلع هذا العام بعنوان "اقتصاد الحرب والأثرياء الجدد"، يشير إلى قيام الجماعة ببناء إمبراطورية مالية خاصة بها وممارسة إثراء خاص لصالحها دونما اكتراث للواجبات تجاه المواطنين في مناطق سيطرتها كونها سلطة أمر واقع.
وذكر التقرير أن الجماعة تمتنع عن تنفيذ أي مشاريع ملموسة في قطاع الخدمات العامة وتواصل فقط عمليات تحصيل الإيرادات وتوسيع النفوذ على حساب المواطنين الذين يرزح أغلبهم تحت خط الفقر في البلد.
وأكد قيام الجماعة بإنشاء أكثر من 13 شركة تجارية تعمل لحسابها الخاص في صنعاء، وسعيها المستميت للاستحواذ على القطاع التجاري الخاص بعد السيطرة على موارد الدولة في مناطق سيطرتها.