[ مليشيات الانتقالي المدعوم من الإمارات بعدن ]
كشف تقرير فريق الخبراء الأممي أن الحكومة اليمنية انخرطت في تبييض أموال وفساد أثرا على حصول اليمنيين على الإمدادات الغذائية، محذرا من دعم دولة الإمارات العربية المتحدة للمجلس الانتقالي الجنوبي يقوض سلطة حكومة اليمن ووحدة أراضيه.
التقرير الذي يتكون من 289 صفحة، وحصل "الموقع بوست" على نسخة منه، تناول بشكل مفصل الأوضاع السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية في اليمن وتضمن تحقيقات الفريق ونتائجها تجاه كثير من القضايا فضلاً عن تقييمه لأداء الأطراف المتعددة لعام 2020.
وأثار التقرير فريق الخبراء المشكل من مجلس الأمن الدولي بشأن الوضع في اليمن، جملة من التعليقات، بشأن ما احتواه من معلومات واستنتاجات.
ويغطي التقرير المقدم لمجلس الأمن عملا بالفقرة 8 من قرار مجلس الأمن 2511 (2020) الفترة الممتدة من 1 يناير/ كانون الثاني إلى 5 ديسمبر/ كانون أول من العام نفسه، ويتضمن النتائج المحدثة المستخلصة من التحقيقات التي عرضت في التقرير النهائي للفريق المؤرخ 27 يناير الجاري.
ويشير التقرير الذي يصدره الخبراء سنويا بناء على الولاية التي كلفوا بها حسب منطوق القرارين 2140 (2014) و2216 (2015) إلى أن الحكومة خسرت أراض إستراتيجية لصالح الحوثيين والمجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا، معتبرا أن الطرفين يقوّضان أهداف قرار مجلس الأمن المتعلق بإيجاد حلّ سياسي للنزاع.
وأوضح أن الحوثيين حوّلوا نحو ملياري دولار من أموال الدولة في اليمن لصالح الحرب، مضيفا أن هناك أدلة متزايدة تفيد بأن أفرادا أو كيانات في إيران تزود الحوثيين بكميات كبيرة من الأسلحة.
كما وثق الخبراء طرق إمداد عدة للحوثيين في بحر العرب باستخدام سفن شراعية تقليدية، بما يشكل انتهاكا لحظر أسلحة مفروض من الأمم المتحدة، في حين تنفي إيران تقديمها مثل هذا الدعم للحوثيين.
ملخص لأهم ما جاء في نص التقرير:
قال التقرير الأممي إن الوضع ما فتئ يتدهور في اليمن، مع ما يترتب على ذلك من آثار مدمرة على السكان المدنيين. وتساهم ثلاثة عوامل رئيسية في هذه الكارثة: (أ) التربح الاقتصادي من قبل جميع الأطراف اليمنية، مما يؤثر على الأمن البشري، (ب) والانتهاكات المستمرة والواسعة النطاق لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، في ظل الإفلات من العقاب، (ج) والتصعيد في القتال وتأثيره على المدنيين، بما في ذلك النزوح.
وأضاف "استولى الحوثيون والمجلس الانتقالي الجنوبي على أراض إستراتيجية كانت بحوزة حكومة اليمن، فقوضا بذلك أهداف قرار مجلس الأمن 2216 (2015). وبناء عليه، فإن الحوثيين ليسوا القوة الوحيدة التي تنطبق عليها الفقرة 1 من القرار".
وذكر أن أنشطة المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي يقوده عيدروس الزبيدي وهاني بن بريك، شكلت انتهاكاً للفقرتين 1 و6 من القرار 2216 (2015)، اللتين تطالبان جميع الأطراف اليمنية بالامتناع عن اتخاذ إجراءات انفرادية تقوض عملية الانتقال السياسي، مشيرا إلى أن إعلان الانتقالي الجنوبي من جانب واحد عن الإدارة الذاتية في نيسان/أبريل 2020 أدى إلى زعزعة شديدة للاستقرار في أبين وعدن وشبوة وسقطرى.
وتابع "أدى غياب إستراتيجية متماسكة في صفوف القوى المناهضة للحوثيين يتجلى في الاقتتال داخلها والخلافات بين الجهات الداعمة لها إقليميا إلى تعزيز الحوثيين. غير أنه برزت ضمن قيادة الحوثيين شخصيات نافذة متنافسة على رأسها محمد علي الحوثي وأحمد حامد وعبد الكريم الحوثي.
وأشار أن الإقليم الذي تسيطر عليه حكومة اليمن يهدده خطر تفكك السلطة إلى خليط من الفصائل المتنافسة، على نحو ما لوحظ في تعز.
ولفت إلى العلاقات بين الجماعات المسلحة غير التابعة للدولة وحكومة اليمن يسودها غموض يتضح من تجنيد حمود سعيد المخلافي للمقاتلين بصفة غير قانونية، ولا تزال المواجهات في شبوة بين قوات حكومة اليمن وقوات المجلس الانتقالي الجنوبي والقوات التابعة لها تشكل تهديدا للاستقرار.
اتهام الحوثيين
وقال المراقبون إنهم يعتبرون ذلك "عملا من أعمال غسل الأموال والفساد ارتكبته مؤسسات حكومية، وهي في هذه الحالة البنك المركزي اليمني وحكومة اليمن، بالتواطؤ مع رجال أعمال وشخصيات سياسية في مواقع مهمة لصالح مجموعة مختارة من التجار ورجال الأعمال تتمتع بامتيازات خاصة".
كما اتهم التقرير أيضا جماعة الحوثي بجمع ما لا يقل عن مليار و800 مليون دولار من إيرادات الدولة في عام 2019 للمساعدة في تمويل الحرب.
وأضاف أن الحوثيين "يؤدون وظائف تقع حصريا ضمن سلطة الحكومة اليمنية، إذ إنهم يجمعون ضرائب وإيرادات عمومية أخرى، والتي يُستخدم جزء كبير منها لتمويل مجهودهم الحربي".
التهديدات للسلام والأمن:
فساد مالي ونهب للمساعدات الإغاثية
ذكر التقرير أنه في عام 2020 استمرت النزاعات المختلفة في البلد بلا هوادة وتحول نمط النزاعات نحو تربح اقتصادية واسعة النطاق قامت بها شبكات من القادة العسكريين ورجال الأعمال والسياسيين والزعماء المحليين.
وأوضح أن حجم التربح أثر تأثيرا كبيرا غل الحالة الإنسانية واشتد القتال في بعض الجبهات ولا سيما في الجوف ومأرب ونهم وتعز والحديدة والبيضاء وأبين.
وتطرق التقرير إلى أن الحكومة الشرعية انخرطت في تبييض أموال وفساد أثرا على حصول اليمنيين على الإمدادات الغذائية.
تحدث التقرير أن السعودية أودعت ملياري دولار لدى البنك المركزي اليمني في يناير/كانون الثاني 2018 في إطار برنامج للتنمية وإعادة الإعمار.
وكان الهدف أن يمول هذا المبلغ خطا ائتمانيا لشراء سلع مثل الأرز والسكر والحليب والدقيق لتعزيز الأمن الغذائي واستقرار أسعار تلك السلع محليا في الوقت نفسه.
لكن تحقيق الأمم المتحدة اكتشف أن البنك المركزي في اليمن خالف قواعد تغيير العملات وتلاعب في سوق العملة "وغسل جزءا كبيرا من الوديعة السعودية بمخطط معقد لغسل الأموال" أدر على تجار مكاسب بلغت قيمتها نحو 423 مليون دولار.
كما تطرق فريق الخبراء الأممي إلى مفاوضات السلام واتفاقي ستوكلهم والرياض وإطلاق سراح 1056 أسيرا، لافتا إلى أن مدنيين اعتقلهم الحوثيين كانوا ضمن عملية التبادل بمقاتلين أسرى تابعين لهم.
اتفاق الرياض
يقول التقرير إن اتفاق الرياض 5 نوفمبر 2019 كان طموحا في نطاقه وجداوله الزمنية، وإنه على الرغم من الضغوط من جانب السعودية والمواقف السياسية التي ما فتئ يعبر عنها الانتقالي الجنوبي والحكومة اليمنية لإظهار التأييد، لم يحرز سوى تقدم عملي ضئيل في التنفيذ، إذ انسحب الانتقالي الجنوبي في عدد من المناسبات وجرى تعيين محافظ جديد ومدير أمن لعدن، إلا أن المحافظ فقط هو الذي تولى منصبة.
وبحسب التقرير فإن قوات الانتقالي تواصل تعزيز السيطرة على السكان المدنيين، بوسائل منها الاستخدام المفرط للقوة.
ووفقا للتقرير فإن القوات الحكومية التي كانت متمركزة في عدن في أغسطس 2019 فهي تقاتل قوات الانتقالي في أبين، ولم يكن هناك أي إعادة تمركز ذات شأن للقوات التابعة للانتقالي أو القوات الحكومية أو معداتهما وفقا للاتفاق الذي فشل أيض في إعادة الوضع العسكري الذي كان قائما قبل أغسطس 2019 في ابين وعدن وشبوة.
التحديات الإقليمية أمام السلام:
فيما يتعلق بالتحديات الاقليمية باليمن يقول التقرير إلى أن الجهات الفاعلة الخارجية هي الإمارات وإيران وسلطنة عمان والسعودية، في حين أن هناك ادعاءات بأن دولا إقليمية أخرى بما فيها تركيا وقطر تنشط مباشرة داخل اليمن، فإن الفريق لم يعثر حتى الان على أدلة موثوقة تثبت صحة تلك الادعاءات.
إيران
تطرق التقرير إلى تصريحات العميد ابو الفضل شكارجي المتحدث باسم القوات المسلحة الإيرانية في 22 سبتمبر والذي قال "لقد وفرنا للحوثيين الخبرات التكنولوجية في المجال الدفاعي، واعتبر التقرير تلك التصريح تصرف من شأنه أن يضع ايران في موضع المنتهك.
ويرى الفريق أن هناك مجموعة متزايدة من الأدلة تبين أن أفرادا أو كيانات داخل إيران يقومون بإرسال أسلحة ومكوناتها إلى الحوثيين في انتهاك للفقرة من القرار 2216.
وفي 17 أكتوبر الماضي قامت طهران بتنصيب سفير بديل في اليمن مما يشير إلى اعترف الدولة بسلطة الحوثيين وهي خطوة اعتبرها الفريق الأممي تهدد سلامة اليمن واستقراره ويتعارض مع روح القرار 2216.
سلطنة عمان
اعتبر فريق الخبراء الدوليين المعني باليمن، أن رغبة سلطنة عمان بالبقاء محايدة وبمنأى عن النزاعات هي رغبة موضوعة على المحك.
وقال الفريق التابعة للجنة العقوبات في مجلس الأمن الدولي في تقريره السنوي 2020، إنه" منذ عام 2015م جرى تسيير عدد من "رحلات الرحمة" بين مسقط وصنعاء، لنقل المرضى والجرحى للعلاج، وعلى الرغم من أن هذه الرحلات تؤدي وظيفة إنسانية، فإن الفريق لا يزال قلقا بشأن احتمال اساءة استخدامها".
واستطرد: تلقينا معلومات أن أربعة أشخاص سافروا عبر عمان إلى إيران عام 2015م".
وأضاف، أفاد أحدهم علنا أنه تلقى تدريبا بحريا في بندر عباس، ثم قام بتسيير تهريب الأسلحة للحوثيين.
وقال إن "بيانات نظام تحديد المواقع العالمي، تشير إلى أن مهربي الأسلحة يقومون بنقل الأسلحة من سفينة إلى أخرى داخل المياه الإقليمية العمانية".
وأشار تقرير الخبراء، إلى مصادرة الأسلحة والمكونات المهربة التي وصلت براً إلى اليمن من مدينة صلالة عام 2019م.
وقال إن "الفريق يواصل التحقيق في تهريب ثلاثة أطنان من مكونات الطائرات المسيرة، وغيرها من المكونات والتي ضبطت في محافظة الجوف".
وتابع: "تلقى الفريق معلومات من عُمان عن هوية الشخص الذي يقف وراء الشركة التي استوردت الشحنة من الصين".
وأضاف علمنا أنه جرى تسليم الشحنة من مطار مسقط الدولي في 2ديسمبر 2018م وتصديرها في نفس اليوم إلى المنطقة الحرة بصلالة، مشيرا إلى أنه يوصل التحقيق في تسلسل العهدة فيما يتصل بالشحنة بعد وصولها إلى صلالة.
وذكر التقرير، أن سلطنة عمان لم ترد على استفسارات، فريق الخبراء.
السعودية
يرى الفريق أن تحالف دعم الشرعية التي تقوده السعودية في اليمن غير فعال في فرض سيطرة موحدة على القوات المناهضة للحوثيين، واستمرار القتال بين الانتقالي الجنوبي والحكومة اليمنية على الرغم من اتفاق الرياض يدل على استمرار الاختلافات بين خطتي الإمارات والسعودية في اليمن.
يمضي التقرير بالقول من الواضح أن الرياض ترغب في إيجاد مخرج لها من اليمن ولكنها متحدة أيضا مع حكومة اليمن في دعوة الولايات المتحدة إلى إدراج الحوثيين في قائمة المنظمات الارهابية الأجنبية.
الإمارات
أكد فريق الخبراء الدوليين المعني باليمن، أن دعم دولة الإمارات العربية المتحدة للمجلس الانتقالي الجنوبي يقوض سلطة حكومة اليمن ووحدة أراضيه.
وقال فريق الخبراء إن "دولة الإمارات تدعم كيانا يهدد الأمن والسلام والاستقرار في اليمن" مشيرا إلى أن الإمارات جندت ودربت ودفعت أجور معظم القوات التابعة للمجلس الانتقالي وهو وضع تطور منذ 2015.
وقال فريق الخبراء، إنه "وثق مواصلة الإمارات في تقديم الدعم للمجلس الانتقالي الجنوبي وقواته وبعض قوات الساحل الغربي".
وأوضح، أن الأمارات تتصرف بشكل يتنافى مع روح القرار 2216 الذي يدعو إلى الدول الأعضاء إلى أن تمتنع عن اتخاذ إجراءات من شأنها تقويض وحدة اليمن وسلامته واستقلاله وسيادته الاقليمية والمس بشرعية رئيس اليمن.
وأضاف، أن الإمارات تواصل تقديم الدعم المالي والعسكري لقوات الحزام الأمني والنخبة الشبوانية، إلى جانب الدعم السياسي للمجلس الانتقالي.
وأشار إلى أن اليمن حرصت في النصف الثاني من عام 2020 على القاء اللوم على الإمارات بشأن ما يقوم به المجلس الانتقالي من أعمال.
الولايات المتحدة الأمريكية
يلاحظ الفريق الأممي أن أمريكا تدرس حاليا ادراج الحوثيين في قائمة المنظمات الارهابية، ويعكس احتمال الادراج التوترات المستقرة بين واشنطن وطهران.
عقبات تعترض تنفيذ قرار مجلس الأمن 2216
يرى الفريق أن التنفيذ الكامل للقرار 2216 أصبح متعذرا بسبب التحولات في ديناميات السلطة والسيطرة على الأراضي، ويستند الفريق في تقييمه إلى حقيقة أن جميع أطراف النزاع اتخذت تدابير لتقويض أهداف القرار.
وأشار إلى أنه خلال الفترة المشمولة بالتقرير قوضت الحكومة والحوثيون والانتقالي عملية الانتقال السلمي باللجواء إلى الأعمال العدائية والعسكرية، واستخدم الحوثيون والانتقالي القوة لكسب الأراضي، وظل الانتقالي والحوثي يؤدون المهام الحكومية، ولم يسحب الانتقالي ولا الحوثيون قواتهم بل قاموا بتحصين المناطق التي تم الاستيلاء عليها، وكذلك عززت قوات الساحل الغربي سيطرتها على الساحل الغربي، ولم تعد الحوثي الجماعة المسلحة الوحيدة غير التابعة للدولة التي تنطبق عليها مقتضيات الفقرات 1(أ) و/ أو (ب) و/ أو (ج)و /أو (د) من القرار، وأنه منذ اتخاذ القرار ما برحت الحكومة تفقد سلطتها وأراضيها.
كما يرى الفريق أن من العقبات التي تهدد تنفيذ القرار الأممي 2216 هي تصعيد الأعمال العدائية خلال 2020 وتوطيد الانتقالي الجنوبي سلطته.