[ من مشاورات الكويت ]
لا جديد، فيما يخص الاتفاق السياسي بين الحوثيين والمخلوع، سوى تحول العلاقة بين الحليفين من "التبعية" إلى "الشراكة".
سلم المخلوع مؤسسات الدولة- عبر هيمنته على الدولة العميقة- كما سلم وحدات الجيش الموالية له، والتي لم تشملها الهيكلة، وحتى أنصاره في المدن، سلمهم للعمل تحت راية الحوثيين، حتى سُموا بالمتحوثين.
سلم المخلوع "مخالبه" للحوثيين ليبطشوا بها غرماءه السياسيين، الذين أجبروه على التنحي من السلطة تحت ضغط شعبي هائل، كنوع من الانتقام والتشفي.
لكن نزعة الحوثيين للهيمنة والإقصاء بدت واضحة من أول وهلة، عبر تشكي اللجنة الثورية العليا التي تقوم مقام مجلس رئاسي، وذلك بشكل أحادي. لكن ذلك الإقصاء لم يمنع المخلوع من مواصلة تسليم مقدراته للحوثيين، وإن مع بعض التحفظ، إمعانا في الانتقام من خصومه، وإيمانا منه أن وحدة الهدف مع الحوثيين أقوى من أن تخل تصرفات مماثلة بحلفهم المصيري.
مرت علاقة الحوثيين والمخلوع بتوتر كبير لا يخلو من الحذر، لكنها لم تكن لتفتك بحلفهم، إذ لا طريق آخر صالح للعبور.
ظل المخلوع يخفي قدرة المؤتمر وسلطته العسكرية، خلف الحوثيين، تهربا من عقوبات أخرى لمجلس الأمن، في ظل دعم غربي لحليفهم الطائفي، كامتداد لعلاقتهم المثمرة مع الغرب.
ثمة سببين جوهريين كانا بمثابة الضوء الأخضر للمخلوع لاستدعاء قدرته العسكرية التي احتفظ بها لنفسه، والتوجيه لقواعده المتحوثين للشراكة مع الحوثيين.
الأول مقابلة المبعوث الأممي للمخلوع، رغم أنه مشمول بقائمة العقوبات الأممية كمعرقل للتسوية السياسية في اليمن. هذا الأمر مثّل اعترافا صريحا بضرورة شمول المخلوع ضمن أي تسوية سياسية، فضلا عن إعفاء ضمني من العقوبات المفروضة عليه. جاء هذا التصرف الأممي المثير للجدل في إطار الرد على تصريحات الرئيس هادي، الناقدة لمبعوثها الخاص، خلطا للأوراق وجعل الأمور أكثر تعقيدا على التحالف العربي، والذي كان قد خرج بتهدئة احتوائية للحوثيين.
أما السبب الآخر، فمقترن إلى حد ما بالأول، حيث أن تغيّر نظرة المجتمع الدولي للمخلوع دفعه للظهور مجددا إلى الواجهة، وعمل حد للإقصاء الذي يمارسه الحوثيون في حق أتباعه في مؤسسات الدولة والمحافظات.
من غير الواضح التعرّف على أدوات الضغط التي استخدمها المخلوع لفرض هذا الإنجاز الكبير لأنصاره (المجلس السياسي)، لكن من الواضح أنها قوية، أو بالأحرى إن موقف الحوثيين كان ضعيفا كفاية للقبول أخيرا بشراكة متساوية مع المخلوع.
كانت تسريبات القيادي العسكري في حزب المخلوع لصحيفة الراية القطرية تبدو مقصودة استباقا لهذا الاتفاق، والتي بالغ فيها القيادي بحجم قوة المخلوع العسكرية والبشرية، أو أنها كذلك حقا.
عموما، مهما كان حجم التغير بعد تشكيل المجلس، فإنه ليس بتلك الدرجة الضخمة التي ذهب إليها الإعلام، إذ أن التغير هو أصلا سياسي، وظهور للمخلوع على العلن كشريك أساسي مناصفة، وله دلالاته وأبعاده السياسية خارجيا، وبالتالي على التحالف والحكومة الشرعية تباعا. لكن القدرة العسكرية ربما هي هي، سواء تحت تصرف الحوثيين أو المجلس المشترك المشكل، وما يسمى باللجان الشعبية هي كذلك، تحت إمرة الحوثي أو بالشراكة.
سياسيا، يسعى حلف الانقلابيين للعب بآخر ورقة، المتمثلة في تشكيل مجلس رئاسي، وذلك تعبيرا عن التصعيد ووفرة البدائل، للضغط على المجتمع الدولي، والذي سيكون مثمرا إذا كان بضوء أخضر من دول معينة مستعدة للاعتراف بالمجلس. تم الإعلان عن المجلس، لكن بدون أسماء بعد، تدرجا في التصعيد، غير أن فشله في تحقيق اعتراف بعض الدول الداعمة سيكون له هزة ارتدادية عكسية.. لننتظر!