[ حقّقت لجين بالفعل ربحاً من مشروعها هي وشقيقتها جوى (خالد عبد الله/رويترز) ]
تملأ لُجين الوزير زجاجة الإرضاع لتزويد الماعز الصغيرة بالحليب، فيما توزّع العلف على قطيعها المتواضع. وقد صارت مثل هذه المهام جزءاً من حياة لجين اليومية، مذ أطلقت مشروعها لإنتاج الألبان على سطح منزل أسرتها في العاصمة اليمنية صنعاء.
وكانت لجين قد تابعت دراستها في كلية الزراعة التابعة لجامعة صنعاء، وتخصّصت في الإنتاج الحيواني. وكانت ترغب في دراسة الطب البيطري، لكنّ عدم توفّر ذلك دفعها إلى تخصّص آخر مرتبط كذلك بعالم الحيوان.
تقول لجين إنّ المشروع كان "هواية" بالنسبة إليها في البداية، "ولاحقاً رحت أفكّر لماذا لا يكون مشروعاً استثمارياً اقتصادياً وفي الوقت نفسه (يوفّر) اكتفاءً ذاتياً".
وتضيف الشابة اليمنية أنّها حقّقت بالفعل ربحاً من مشروعها، "خصوصاً أنّ حليب المعز وبيض الدجاج البلدي مطلوبان بشكل كبير". ولا تخفي أنّ الأمر في ما يخصّ الأغنام "لم يكن مجدياً كثيراً اقتصادياً، لأنّ العلف مكلف... فأنا في المدينة ولا رعي هنا".
عندما انطلقت لجين بمشروعها، أتى ذلك مع خمس رؤوس من الغنم ومجموعة من الدواجن، مشيرة إلى أنّ الدافع كان حبّها للحيوانات وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الحليب والبيض. ثمّ تحول الأمر إلى مشروع تجاري ساعدها في تأمين فرصة عمل بدلاً من البحث عن وظيفة بعد التخرّج. وتوضح الشابة أنّ "الجميع يدرسون ويتخرّجون ثمّ يصيرون عاطلين من العمل، خصوصاً في اليمن بسبب الحرب والحصار. لكنّني أنشأت مشروعي الخاص حتى لا أُضطر إلى إيجاد وظيفة".
وانضمّت جوى، شقيقة لجين التوأم، إليها في مشروعها، علماً أنّها تخرّجت هي الأخرى من كلية الزراعة في جامعة صنعاء، لكنّها تخصّصت في مجال التغذية الصناعية. وكانت جوى قد انطلقت في مشروع آخر قبل ثلاث سنوات، عندما كانت في سنتها الدراسية الثانية، قبل أن تقرّر الشقيقتان دمج مهاراتهما في مشروع واحد. بالنسبة إلى لجين، فإنّ تخصّصها في قسم الإنتاج الحيواني وتخصّص شقيقتها جوى في قسم الصناعات الغذائية والتغذية "يكمّلان بعضهما بعضاً، ونشعر أنا وجوى أنّ أفكارنا هي نفسها وكذلك اهتماماتنا".
وباستخدام حليب من المزارع المحلية، بدأت جوى تصنّع مجموعة متنوّعة من المنتجات اللبنية، بما في ذلك الجبن والزبادي واللبنة. وتبيع الشقيقتان منتجاتهما في المتاجر المحلية وتروّجان لها عبر وسائل التواصل الاجتماعي. لكنّ عملهما لا يخلو من التحديات، وتوضحان أنّه يتوجّب عليهما استيراد مواد التعبئة والتغليف من الخارج. كذلك فإنّ ارتفاع أسعار الوقود يزيد من التكاليف، لا سيّما أنّ تصنيع الألبان وعمليات النقل تتطلّب الوقود، بحسب ما تقول جوى. وتؤكد أنّ "كلّ شيء يحتاج إلى مشتقات نفطية وكهرباء. فإذا ارتفعت (أسعار) الكهرباء والمشتقات النفطية، يؤثّر ذلك على مشروعي ويؤثّر على حياتنا بشكل عام".
وعلى الرغم من كلّ ذلك، فإنّ الشقيقتَين التوأمَين لجين وجوى تحلمان بتوسيع خطّ إنتاجهما وبيع منتجاتهما في عدد أكبر من المتاجر في اليمن، وربّما حتى خارج البلاد في المنطقة العربية عموماً.
تجدر الإشارة إلى أنّ تعطّل إمدادات القمح العالمية بسبب الحرب في أوكرانيا وكذلك الحظر الذي فرضته الهند على تصدير القمح يهدّدان بتفاقم أزمة الجوع في اليمن وزيادة تضخّم أسعار الغذاء التي تضاعفت بالفعل في خلال عامَين فقط ببعض أجزاء من البلاد. بالإضافة إلى ذلك، خفّض برنامج الأغذية العالمي منذ يناير/كانون الثاني الماضي الحصص الغذائية المخصّصة لثمانية ملايين شخص وحذّر في مايو/أيار الماضي من أنّه قد يضطرّ قريباً إلى خفض الحصص مجدّداً بعد أن جمع ربع المبلغ المطلوب لليمن، وهو مليارا دولار أميركي لعام 2022 من المانحين الدوليين. ومن المتوقّع أن يزيد عدد الذين يعيشون في ظروف أشبه بالمجاعة إلى سبعة ملايين في النصف الثاني من العام الجاري، علماً أنّه كان يُقدَّر بخمسة ملايين.