[ باتت الأسر عاجزة عن تلبية أبسط احتياجاتها الأساسية (Getty) ]
عاشت الأسر اليمنية في 2021 أسوأ عام لها منذ بداية الحرب الدائرة في البلاد منذ سبع سنوات، بعد أن وجد كثير منها معيليها وقد عادوا إليها من الاغتراب وأصبحوا بلا عمل، وهو ما شكل لها صدمات معيشية مع تسارع تفاقم الأزمات الاقتصادية الناتجة عن انهيار العملة وارتفاع الأسعار وانعدام الموارد المتاحة لمواجهتها.
واضطرت كثير من الأسر للتوقف عن تعليم أبنائها والدفع بهم إلى سوق العمل لإعالتها ومساعدتها على مواجهة متطلبات الأعباء المعيشية التي أصبحت صعبة للغاية.
ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد زاد الطلب بصورة قياسية طوال عام 2021 على السلع الغذائية والوقود والمساكن والخدمات العامة الشحيحة المتوفرة من كهرباء ومياه وغيرهما، مع عودة عشرات آلاف الأسر من دول الاغتراب، خصوصاً من السعودية.
في السياق، يقول الخبير المتخصص في علم الاجتماع الاقتصادي ياسر الواحدي لـ"العربي الجديد" إن مختلف هذه العوامل أدت إلى تضخم الكتلة السكانية في اليمن وزيادة الاستهلاك والطلب على الغذاء والخدمات في ظل انعدام الدخل وبروز فوارق اجتماعية خطيرة مع تلاشي الطبقة الوسطى التي تكاد تكون منعدمة في اليمن.
ويرى أن مداخيل كثير من الأسر أصبحت تأتي من التسول وعمالة الأطفال التي غدت معضلة كبيرة يعاني منها سوق العمل في اليمن الذي تجتاحه اختلالات وتشوهات انعكاساً للأزمات الاقتصادية والمعيشية المتفاقمة.
وتشير بيانات رسمية إلى انخفاض نسبة التحويلات إلى الناتج المحلي الإجمالي من 22.8% إلى 11.1%، جراء انخفاض تدفق الحوالات المالية للعمالة اليمنية في الخارج.
وتؤكد محلات وشركات صرافة أن التحويلات المالية إلى اليمن ظلت في مستوى منخفض طوال الفترة الماضية من عام 2021، كما تفيد تقارير بأن التحويلات المالية إلى اليمن عبر بنك الكريمي الإسلامي، إحدى أهم مؤسسات التحويلات المالية، قد انخفضت بنسبة 70% منذ انتشار فيروس كورونا في منتصف عام 2020.
وأثرت هذه الخسائر الفادحة في الدخل على اقتصاد اليمن المُنهك، إذ إن الانخفاض في التحويلات المالية صاحبه انخفاض كبير في دخل الأسرة، وتعرضت الأسر الأفقر للضرر الأكبر، فضلاً عن التأثيرات غير المباشرة الملحوظة على الإنتاج والأنظمة الغذائية والعمل.
تشير بيانات رسمية إلى انخفاض نسبة التحويلات إلى الناتج المحلي الإجمالي من 22.8% إلى 11.1%، جراء انخفاض تدفق الحوالات المالية
وتعاني الأسر الريفية من خسائر أعلى قليلاً في الدخل مقارنةً بالأسر الحضرية، إذ إن الأولى هي من بين الشرائح الأفقر في المجتمع اليمني، وتعتمد أكثر من غيرها على التحويلات المالية كمصدر للدخل، فضلاً عن زيادة حصتها من الدخل الذي يعتمد على قطاعي الزراعة والخدمات، نظراً لتضررها الشديد نتيجة انخفاض استهلاك الأسرة على المستوى الوطني.
وفي ظل انعدام مصادر الدخل والارتفاع الحاد لأسعار السلع الأساسية، باتت الأسر عاجزة عن تلبية أبسط احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء والحصول على الرعاية الصحية والتعليم.
وتشكل التحويلات المالية جزءاً من الدخل المنتظم لبعض الأشخاص، فوفقاً لإدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية للأمم المتحدة، أرسل المهاجرون ما معدله 15% من دخلهم إلى أوطانهم، بينما تمثل التحويلات في كثير من الأحيان ما يصل إلى أكثر 75% من دخل الأسرة كما هو الحال في اليمن.
ويتطرق الباحث الاقتصادي أمين الحيدري في حديثه لـ"العربي الجديد" إلى نقطة مهمه في هذا الخصوص، تتمثل في عدم قدرة السلطات المحلية في المحافظات التي تركزت فيها النسبة الكبرى من المغتربين العائدين إلى اليمن على استغلال ما لدى بعضهم من أموال ومدخرات وتجارب وخبرات، وذلك من خلال العمل على تهيئة بيئة مناسبة وجاذبة للأعمال والتجارة والاستثمار.
ويرى أن هناك فرصاً كثيرة ممكن العمل على تهيئتها أمام رؤوس الأموال والمستثمرين بشكل عام، في مجال الاتصالات والكهرباء والاستثمار في مجال الثروة السمكية الزراعة والصناعة، بدلاً من الصراعات والمماحكات الراهنة التي أضرّت كثيراً بالقطاعات الاقتصادية والتنموية الواعدة.
كما أن انكماش النشاط الاقتصادي في دول مجلس التعاون الخليجي؛ أكبر مصدر لتدفقات التحويلات إلى اليمن، أدى إلى التأثير سلباً على فرص العمل للعمالة اليمنية المهاجرة هناك أو الرواتب التي يتقاضونها، وتقليص التحويلات المالية إلى اليمن.