اتهمت منظمتا "هيومن رايتس ووتش" و"مواطنة لحقوق الإنسان"، الاثنين، قوات الأمن التابعة لـ"المجلس الانتقالي الجنوبي"، المدعوم من الإمارات في جنوب اليمن، باحتجاز صحفي ساهم في تقارير إخبارية نقدية دولية، بشكل تعسفي منذ أكثر من خمسة أشهر.
وحسب مصادر تحدثت للمنظمتين، فإن الصحفي الاستقصائي، عادل الحسني، (35 عاما)، تم "اعتقاله في 17 سبتمبر الماضي من قبل قوات المجلس، منتصف النهار، بعدما أوقفت سيارته عند مدخل عدن الشرقي المعروف بـ'نقطة العلم'".
ونقلت المنظمتان عن مصدر مقرب من الصحفي بأنه "تم احتجاز الحسني انفراديا"، في غرفة "قذرة ليس بها مرحاض أو مياه شرب" في مركز غير رسمي في معسكر يسيطر عليه المجلس في مديرية البريقة في عدن، يسمى "بير أحمد"، وذلك حتى 11 أكتوبر الماضي.
وأضاف المصدر أنه "أثناء جلسات الاستجواب، كرر عناصر أمن المجلس تهديدهم بقتل عائلة الحسني إذا لم يعترف بالتجسس لصالح دول وجماعات أجنبية. لاحقا، وفي تاريخ غير محدد، أجبر عناصر المجلس الحسني على توقيع وثيقة تحمل اعترافه بأنه جاسوس وتضمنت تفاصيل حول عمله لصالح شبكة سي أن أن، وكمساعد لصحفيين دوليين. وفي 12 أكتوبر، نُقل الحسني إلى سجن المنصورة في عدن".
وقال أقارب الحسني لـ"هيومن رايتس ووتش" إنهم لم يتلقوا أي معلومات عنه طيلة 25 يوما بعد اعتقاله رغم البحث والسؤال عنه في أقسام الشرطة ومراكز الاحتجاز في عدن، حيث نفت السلطات احتجازه، ولم يعلموا مكانه إلا بعد نقله إلى سجن المنصورة.
وذكرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" أنها راسلت المجلس والسلطات الإماراتية في 5 فبراير الجاري، لطلب معلومات حول اعتقال الحسني ومعاملته رهن الاحتجاز، وقالت: "لم يرد المجلس، بينما اكتفت السلطات الإماراتية بتأكيد استلام الرسالة".
وطالبت المنظمتان سلطات المجلس بالإفراج الفوري وغير المشروط عن الحسني "ما لم تكن قد وُجِّهت إليه تهمة مناسبة معترف بها"، كما أكدت ضرورة "التحقيق واتخاذ الإجراءات ضد المسؤولين عن تعذيب الحسني أو إساءة معاملته بأشكال أخرى".
ويرجح المصدر أن "اعتقال الحسني ربما كان بسبب اجتماع في أواخر 2018 مع ضابط مخابرات إماراتي يدعى سعيد المهيري، في مقر التحالف بقيادة السعودية والإمارات في عدن. خلال المقابلة، طلب الحسني معلومات عامة عن دور الإمارات في اليمن لتقرير سي إن إن"، بحسب ما نقلت "هيومن رايتس ووتش".
وقال المصدر "إن المهيري بعث للحسني رسائل نصية تهديدية يحذره فيها من الكشف عن تفاصيل وجود الإمارات في اليمن، و"يعتقد المصدر أن المجلس أصدر أمرا باحتجاز الحسني لأن السلطات الإماراتية كانت غير راضية عن تقارير سي إن إن"، وفقا لهيومن رايتس ووتش.
وقالت الباحثة المختصة في شؤون اليمن في هيومن رايتس ووتش، أفراح ناصر: "يتعرض عدد متزايد من الصحفيين في مختلف أنحاء اليمن للتهديدات، أو الترهيب، أو العنف، أو الاحتجاز لمجرد قيامهم بعملهم في تغطية أوضاع البلاد. معاملة المجلس الانتقالي الجنوبي الكارثية لعادل الحسني تمعن في تلطيخ السجل الحقوقي المروع للمجلس وداعميه الإماراتيين".
ونقلت هيومن رايتس ووتش أنها وثقت "العديد من الانتهاكات التي ارتكبتها قوات الأمن المدعومة من الإمارات في جنوب اليمن، منها الإخفاء القسري، والاحتجاز التعسفي، وظروف الاحتجاز اللاإنسانية أثناء تفشي فيروس "كورونا"".
وذكرت المنظمة أنه "في تقرير صدر في سبتمبر الماضي، وجد فريق الخبراء البارزين التابع للأمم المتحدة المعني باليمن أن الإمارات تواصل عملياتها الجوية ودعمها للقوات اليمنية المحلية على الأرض في جنوب اليمن، رغم سحبها معظم قواتها البرية في منتصف 2019".
وقالت رئيسة منظمة "مواطَنة لحقوق الإنسان"، رضية المتوكل: "تزعم الإمارات أنها لم تعد ضالعة في النزاع اليمني المسلح، لكن دعمها للقوات المحلية المنتهِكة يجعلها مسؤولة عن تفشي انتهاكات هذه القوات. على الإمارات إنهاء دعمها للقوات التي تمارس الانتهاكات، بدءا بتسهيل الإفراج الفوري عن الحسني".
وتدور الحرب في اليمن التي خلفت عشرات آلاف القتلى والجرحى منذ 2014، بشكل رئيسي بين المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران، وقوات أخرى تقودها المجموعات المؤيدة للحكومة بدعم من تحالف عسكري تقوده السعودية، منذ أن سيطر الحوثيون على مناطق واسعة قبل حوالي ست سنوات من بينها العاصمة صنعاء.
لكن القوات التي يفترض أنّها موالية للحكومة في الجنوب، حيث تتمركز السلطة، تضم فصائل مؤيدة للانفصال عن الشمال بقيادة المجلس الانتقالي الجنوبي وتتهم الحكومة بالفساد وتخوض معارك معها.
وعملت السعودية منذ أكثر من عام على تشكيل الحكومة الجديدة لإنهاء الخلافات والتفرغ لمقاتلة الحوثيين الذين يستهدفون مأرب مؤخرا، آخر معاقل الحكومة في شمال اليمن المجاور للمملكة.