[ استهداف ثالث لمطار أبها من الحوثيين (فايز نورالدين/فرانس برس) ]
كشفت مصادر مصرية رفيعة المستوى لـ"العربي الجديد"، عن اتصالات مصرية إيرانية جرت أخيراً على وقع تصاعد وتيرة الأحداث في المنطقة، بما في ذلك ارتفاع منسوب التوتر جراء الهجوم الذي طاول ناقلتي نفط في بحر عُمان الأسبوع الماضي، وتوجيه كل من السعودية والإمارات اتهامات لإيران بالوقوف وراءه.
وقالت المصادر إنّ القاهرة فتحت خط اتصال أخيراً مع طهران، كاشفةً عن أنّ مسؤولين إيرانيين زاروا العاصمة المصرية الأسبوع الماضي، وأجروا مباحثات مع قيادات بارزة في جهاز الاستخبارات العامة. وأوضحت أنّ المباحثات تناولت قضايا عدة، في مقدمتها الأوضاع في منطقة الخليج، والهجمات الأخيرة التي تعرّضت لها ناقلتا النفط في بحر عُمان، ومن قبلها تعرُّض سفن سعودية لعمليات تخريب في المياه الإقليمية الإماراتية، فضلاً عن الوضع في غزة واليمن والهجمات الحوثية الأخيرة على أبها ونجران في السعودية.
وبحسب المصادر المصرية، فإنّ القيادة السياسية تستبعد تورّط إيران في الهجوم الأخير الذي تعرّضت له ناقلات البترول، إلا أنّها في الوقت نفسه لا تعفي طهران من مسؤولية الهجمات الصاروخية التي تنفذها جماعة الحوثيين نحو المطارات السعودية.
وتعرّض مطار أبها السعودي فجر أمس الإثنين لاستهداف جديد هو الثالث من نوعه، في إطار الهجمات التي بدأها الحوثيون يوم الأربعاء الماضي (12 يونيو/حزيران)، بعد استهدافه بصاروخ كروز أسفر عن وقوع نحو 26 مصاباً، بحسب الرواية السعودية، في حين أصرّ الحوثيون على رواية استهداف برج المراقبة في المطار. وتبع ذلك يوم الجمعة الماضي إعلان المتحدّث باسم قوات التحالف العربي، العقيد تركي المالكي، أنّ قوات التحالف اعترضت 5 طائرات مسيّرة، أطلقها الحوثيون باتجاه المطار نفسه ومنطقة خميس مشيط.
في موازاة ذلك، قالت المصادر المصرية نفسها، التي تحدثت مع "العربي الجديد"، إنّ المباحثات بين القاهرة وطهران تناولت الوضع في قطاع غزة وعمليات التصعيد الأخيرة. ولفتت إلى أنّ هذا الملف يشغل حيّزاً كبيراً في الاتصالات التي تتمّ بين الطرفين، نظراً للوساطة التي تقوم بها مصر بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل لتثبيت الهدنة ووقف إطلاق النار، ومنع اندلاع مواجهة جديدة في القطاع من جهة، والتقارير التي تشير لدور إيراني في تأجيج الوضع ضمن حسابات إقليمية، من جهة أخرى.
وأوضحت المصادر أنّ الاتصالات المصرية الإيرانية جميعها محصورة في المستوى الأمني فقط ولم ترتقِ للمستويات الدبلوماسية. وقالت "لا يمكن وصف ما يجري بأنه عودة للعلاقات بين القاهرة وطهران بشكلها السياسي، ولكن هناك مناطق اختلاف كثيرة وأيضاً نقاط اتفاق، في مقدمتها الملف الذي ظلّ طوال السنوات الماضية همزة الوصل؛ وهو الملف السوري والدعم المصري الكامل لبشار الأسد وجيش نظامه، حتى في ظلّ أكثر الأوقات الخليجية دعماً للنظام المصري". وتابعت المصادر أنه في الوقت ذاته يقدّر الجانب الإيراني لمصر موقفها الأخير برفضها الانضمام لما يسمى "الناتو العربي" الموجه في الأساس ضدّ طهران.
وحول ما إذا كانت تلك الاتصالات التي تجريها القاهرة تتم بتنسيق مع الحلفاء في السعودية والإمارات، أشارت المصادر إلى أنّ هناك تفاهمات في هذا الصدد مع الشركاء الخليجيين، مستدركةً بأنّ الموقف المصري من إيران يختلف نوعيّاً عن الموقفين الإماراتي والسعودي، موضحةً "مصر لها سياستها الخارجية التي تحركها، وأخيراً تحرّرت تلك السياسة من الضغوط الخليجية لأسباب عدة". وبحسب المصادر المصرية، كان الاختلاف في الموقف من إيران سبباً في تباينات داخل التحالف المصري الخليجي، قبل أن تنتبه دوائر داخل ذلك التحالف وتحديداً في الإمارات، إلى إمكانية توظيف موقف القاهرة لخدمتها.