[ يرى تيار يمنيون أن حل القضية اليمنية هو شأن يمني بالمقام الأول ]
نحن اليمنيين اليوم مطالبون بالتفكير بحل قضية بلد ومؤسسات دولة خسرناها بسبب الرهانات والحسابات الخاطئة واللحظة لا تحتمل المزيد من الخطأ، بل إنها تحتاج إلى من يلتقط الخيط للوصول الى حلول ناجعة للمعضلة اليمنية، خاصة بعد التحركات الدولية التي أحدثتها جريمة اغتيال خاشقجي على أيدي السلطات السعودية في القنصلية السعودية بإسطنبول، لكن للأسف لا يوجد قيادة وطنية مستعدة للخروج من مازق التحالف الذي جاء ليساعد الشرعية في استعادة الدولة واذا به يتحول الى نقمة على البلد. من يريد الإصلاح عليه التفكير بالقضية اليمنية كلها لا أن يشغل بفخ العزل والتعيين ومجمل قرارات هادي التي اغرقت البلد.
لأجل إحلال السلام في اليمن قدم تيار يمنيون في 26 سبتمبر الماضي مبادرة تم إرسالها إلى كل قيادات السلطة شرعية و حكومة و أحزاب ، كان حينها رئيس الوزراء د. أحمد عبيد بن دغر ، أرسلت له وللرئيس ونائبه، لم يتجاوب حينها أحد منهم ولا نتوقع ان يتجاوب اليوم رئيس الحكومة د. معين عبد الملك لأنه لا علاقة له بالسياسة.
والمبادرة هي عبارة عن حزمة إصلاحات أو مدخل لإصلاح الوضع في اليمن ، ليس لدى التيار مشكلة مع ( س) أو ( ص ) من الناس لكنه يريد حلاً شاملاً و لذا قُدمت المبادرة كمساهمة من التيار و كواجب مُلقى عليه و على كل القوى الوطنية.
نرى في تيار يمنيون أن حل القضية اليمنية يمني ، و التحالف ليس ولي أمر اليمن بل تحالف مساند لا أكثر، و حزمة الإصلاحات التي تبناها تيار يمنيون نصت على التمسك بالمرجعيات الثلاث ؛ مخرجات الحوار و القرار 2216 ، و المبادرة الخليجية و آليتها المزمنة ، و لأن التيار لايريد نقض ما توصل إليه الناس خلال المرحلة الحالية مع ما في المرجعيات من قصور إلا أن لها قبولاً محلياً و إقليمياً و دولياً، و تمنح البلد مرتكزات شرعية للوصول إلى السلام العادل و الشامل.
حزمة الإصلاحات مبنية على أسس يمنية خالصة لا علاقة لها بالمناطقية و لا بالمحاصصة و تطرقت في حيثياتها إلى إصلاح الوضع السياسي والاقتصادي و العسكري وإصلاح العلاقة مع التحالف، والحفاظ على سيادة و استقلال اليمن و الحفاظ على وحدة وسلامة أراضيه.
هذه المبادرة نسخ منها البعض ما يريده دون نسبتها للتيار، و بعثت الإلهام لدى البعض فحاول تقليدها دون أن يستطيع فهم التشخيص الواقعي الذي كانت المبادرة نتيجة له، و إنما أراد الظهور و البروز كمفكر سياسي أو ما شابه، و هذه ليست إشكالية في حد ذاتها، المبادرة هي وسيلة لتحريك العقل اليمني النائم و لتحريك القوى التي تواصل النوم وإصدار بيانات التهاني و التبريكات، وهي أيضاً لمساندة أضعف رئيس عرفته البلاد منذ 1962، والضعيف كما قلنا يحتاج إلى إسناد و دعم لا أن يُترك له الأمر لإصدار قرارات غير محسوبة العواقب و ما أكثر قراراته تلك.
من الغرائب المحدثة أن العلمانية كانت قبل وصول فخامة الرئيس هادي للسلطة تعني فصل الدين عن الدولة (السياسة) .. وصارت في عهده الميمون تعني فصل الحكومة عن السياسة و الجيش، و تحويلها من حكومة إلى مجرد هيئة خدمات .. وهو مفهوم يقترب من تعريف الدولة بعد العولمة إذ صارت فقط ربة بيت تطبخ و تنفخ و تكنس و الشعب يدبر نفسه .. في نهاية عهد هادي ربما تكون الدولة عبارة عن سفارة في عمارة و الشعب مستأجرين غرف .. هادي مدرسة لوحده ، من يدري ربما هو يفهم أكثر و "ليس من المعقول أن هناك من يفهم أكثر من الشرعية".. كما يقول أحدهم.
ولذا فإن المبادرة التي طرحها التيار قبل وصول أول رئيس وزراء في اليمن منذ 1962 يقول أو يقبل بإدارة الملف الخدمي في الحكومة دون الملف السياسي والعسكري، يطرحها اليوم بين يديه وبين أيدي كل القوى المحبة للوطن، للخروج من هذا التيه، ومن هذا الهوان ومن هذا العجز المتصاعد.
ما قام به الرئيس هادي بعد المبادرة من تغيير شكلي في رئاسة الحكومة مخيب للآمال، ولا يدل على أنه استوعب ما يريده تيار يمنيون ولا ما تريده جماهير الشعب اليمني، أراد رئيس وزراء ضعيف ينفذ توجيهاته، مع أن توجيهاته وقراراته هي مشكلة في حد ذاتها ، ولا سبيل أمام اليمنيون اليوم إلا تقليص صلاحياته لتخفيف الضرر الذي يحدثه ومستمر في إحداثه منذ توليه مقاليد السلطة في 2012.
وهنا نعيد للجمهور نص مبادرة تيار يمنيون لإحلال السلام في اليمن بدون المقدمة والتشخيص الذي أتت على إثره، و هي هنا للتذكير و للنقاش و الجدل و ليست منتهى الفكر و لا غاية في حد ذاتها بل هي كما يدل إسمها "مبادرة" قابلة للإثراء والتحديث :
في خضم هذه الأزمة التي تعصف بالبلد نتقدم في تيار يمنيون بهذه المبادرة لإحلال السلام الدائم في اليمن و لا نكتفي بتشخيص المعضلات فقط، بل نسهم في تدارك الوضع على مختلف المستويات، وهي مبادرة بحاجة إلى أن تتحول إلى مطالب عامة يتبناها الشعب فهو صاحب الرأي و القول الفصل:
* إعادة هيكلة الشرعية:
بتشكيل مجلس عسكري رئاسي يمثل الأقاليم اليمنية الستة المقترحة في مخرجات الحوار الوطني، برئاسة الرئيس و نائبه الحاليين، و يُقترح أعضاء الرئاسة من القوى الشعبية الشابة المحنكة التي شاركت في مقاومة الانقلاب و ساهمت في بناء الجيش الوطني، وتُتخذ القرارات المرفوعة من الحكومة و مؤسساتها بناء على التصويت، ليكون القرار جماعياً لا فردياً، و ذلك لتقوية الشرعية و عدم ترك الرئيس وحيداً دون سند و قوة حقيقة على الأرض و يستهين به الأعداء و الحلفاء.
* إعادة هيكلة الحكومة :
وذلك بتقليص عدد حقائب الحكومة إلى تسع وزارات و لكل وزارة عدد من الهيئات و المؤسسات التابعة لها:
- وزارة الخارجية والتخطيط والتعاون الدولي - وزارة الدفاع.
- وزارة الداخلية
- وزارة الخدمة المدنية
- وزارة التعليم العام
- وزارة الصحة والسكان
- وزارة العدل و الشئون الاجتماعية و المحلية.
- وزارة المالية و النفط و الصناعة و التجارة
- وزارة الاتصالات والنقل و الأشغال.
* عودة الشرعية:
من يريد أن يقود معركة الاسترداد أو استعادة الدولة من انقلاب لابد من تواجده في الأراضي اليمنية المحررة، عودة الشرعية و كل طاقم الحكومة و قيادات الأحزاب و الوكلاء و المدراء و الموظفين الجدد جميعاً إلى المناطق المحررة مسألة لا جدال و لا نقاش فيها، من يريد التحرير فليضحي و ليست مشكلة إن استشهد رئيس أو نائب أو وزير أو وكيل في معركة الاسترداد، و اليمن تستحق أن يضحي الجميع من أجلها.
* خلق معارضة راشدة:
و ذلك لإيقاف الانهيار السياسي الحاصل بغياب المعارضة، وتحول الأحزاب السياسية برمتها إلى أحزاب سلطة مما شكل خللاً في المعادلة السياسية بغياب الوجه الأخر للسلطة والتي أصبحت بلا نقد و بلا تقييم و بلا رقابة.
لابد من خلق معارضة وطنية و إتاحة الطريق للمعارضة لتكتمل العملية السياسية و لا يجوز اعتبار المعارضة غير وطنية.
إن عدم وجود معارضة يمثل انهياراً وشيكاً للسلطة القائمة، لذا يجب أن يتاح للشباب تمثيل دور المعارضة و هم الأقدر على القيام بهذا الدور. هناك كوادر في الأحزاب اليمنية يمكنها الاضطلاع بهذا الدور، فالمعارضة هي المعادل الموضوعي للسلطة.
*إعلان سياسة التقشف العامة:
انطلاقاً من أن السلطة مغرم لا مغنم، و الوظيفة الحكومية بكل مناصبها هي خدمة للأمة، فينبغي صرف مستحقات الرئاسة و الحكومة بالريال اليمني و الوقف الفوري لعمليات الفساد و الهبات و وضع الميزانيات المبوبة و المعلنة للرئاسة و الحكومة ، و إلغاء كافة القرارات الصادرة منذ 2015 التزاماً بسياسة التقشف العامة و اللازمة لتدارك ما يمكن تداركه من الاقتصاد.
على السلطة أن تسعى للتخفيف عن المواطنين ليكونوا سنداً لها في مواجهة هذه الظروف الصعبة، و إعادة و تسكين من صدرت لهم قرارات في الدرجة المناسبة بحسب المؤهلات و درجات التوظيف بحسب الخدمة نظام المدنية.
* الغاء كافة المسميات العسكرية الخارجة عن نطاق الجيش الوطني:
تُلغى كل المسميات العسكرية خارج الجيش الوطني ويتم إعادة توزيع أفراد الوحدات العسكرية دون قيد أو شرط، أو حلها، وعدم السماح بتشكيل جيوش داخل البلد، أو ظهور جيوش الطوائف و المذاهب و الحركات الدينية و المجتمعية، فالجيش الوطني: (عقيدة واحدة و مهمة واحدة و قيادة وطنية واحدة).
مسألة الجيش الوطني هي من مسائل السيادة، و لا يُسمح التدخل فيها أو اختراقها أو دعم فئات أو وحدات أو أفراد من الجيش الوطني من قبل أي قوى خارجية و اعتبار ذلك إن وجد خيانة عظمى، و إن كان هناك دعم فيكون وفقاً للقواعد و الاتفاقيات و الأعراف الدولية المتبعة، و يكون واضحاً ومعلناً و عبر القنوات الشرعية.
* معالجة الخلل الحاصل في بعض المحافظات الجنوبية:
يتوجب على الشرعية و الحكومة التحرك بغرض التفاهم مع التحالف العربي على إيقاف زرع الشقاقات و المناطقية و عدم دعم الدعوات العنصرية في بعض المحافظات الجنوبية، و عدم التدخل في الشئون الداخلية و عدم الزج ببعض القوى و المليشيات المسلحة ذات التسميات المتناقضة مع الجيش الوطني في أتون الصراع الطائفي.
* إعادة البرلمان اليمني للفاعلية:
لا حياة سياسية و لا استقرار بدون وجود برلمان، حتى و إن تقادم عهده .. و إن كان سيئاً في نظر البعض. لكن الأسوأ منه هو عدم وجوده، لتأخذ الشرعية و السلطة التنفيذية شرعيتها من البرلمان.
و بعودة البرلمان ستعود الرقابة وهذا سيعمل على إحياء النظام و سيحافظ عليه من الترهل و سيخرجه من أزماته المتتالية.
*رفع كافة الملفات التي تدين النظام الإيراني إلى مجلس الأمن و الأمم المتحدة وهيئاتها المختلفة:
إيران تسببت بمجازر حرب للشعب اليمني، و شاركت في الكارثة التي حلت باليمن، و لذا يتوجب رفع كافة الملفات التي تدين إيران إلى مجلس الأمن و الأمم المتحدة و هيئتها المختلفة، يجب عليها أن تدرك أن الشعب اليمني لن يقبل بالحرب الطائفية التي حشدت لها كلما تستطيع، على إيران أن تدرك أننا "يمنيون لا شيعة و لا سنة يمنيون لا زيود و لا شوافع"، فاليمن لن تكون طائفية و الأمة اليمنية لن تقبل بهذا و لم تقبله من قبل.
* استمرار مقاومة الانقلاب :
التمسك بالمبادرة الخليجية و مخرجات الحوار الوطني و القرار 2216 و السعي لتحرير بقية المدن الواقعة تحت سيطرة الانقلاب و انقاذ المواطنين من الظروف السيئة التي فرضتها عليهم المليشيات الانقلابية و فك الحصار عن تعز و تعزيز جبهات مأرب و نهم، حتى تحرير كافة الأراضي اليمنية.
* العمل على تجريم الهاشمية السياسة في الدستور اليمني القادم:
و ذلك في كافة التشريعات واللوائح اللازمة لحماية اليمن أرضاً وإنساناً من هذه العنصرية التي دمرت مقدرات البلد من قرون وما نراه اليوم إلا غيض من فيض أعمالها الإجرامية بحق الأمة اليمنية.
*سيطرة الجيش الوطني على السواحل و الموانئ و مضيق باب المندب و الجزر اليمنية كلها، و تحرير ميناء و مدينة الحديدة يجب أن يكون بأيدي الجيش الوطني، و تمكين الجيش الوطني المتواجد في تعز من السيطرة على المخا و باب المندب و جزيرة ميون لتأمين الملاحة الدولية و وضع قواعد الاستقرار الجالبة للاستثمار و تشغيل الموانئ في هذه المنطقة الحيوية و خدمات السفن و الشحن البحري.
* تطبيع الأوضاع في المناطق المحررة :
وذلك لتحقيق الاستقرار في المدن المحررة و لإنعاش الاقتصاد من المهرة إلى ميدي و تشجيع عودة المغتربين إلى المدن الساحلية و فتح مجالات الاستثمار في الموانئ و المدن الساحلية ، وتشغيل المطارات.
* تصحيح علاقة اليمن مع التحالف:
بناء الشراكة بدون تبعية و العمل على إنهاء التدخلات في الشئون الداخلية اليمنية والحفاظ على علاقات الصداقة و الود و الإخاء بين شعوب المنطقة، و تطبيق قواعد الاشتباك و عدم استهداف المدنيين، و إغلاق السجون السرية و خروج قوات التحالف من المناطق المحررة للإسهام في تحرير بقية المناطق المتبقية تحت سيطرة عصابات الحوثي، و عدم السماح بإنشاء قوات خارج نطاق الجيش الوطني وإيقاف الدعم عن العصابات التي تهدد الأمن و الاستقرار، و عدم محاولة رسم سياسة لليمن فاليمن حق لشعبها و لديها مخرجات حوار وطني و أبناؤها جديرون بتطبيقها، المطلوب دعم الشرعية لا دعم الجماعات و الفرق و الميليشيات و الأفراد و إيقاف الجيش الإلكتروني التابع للتحالف عن ممارسة التضليل و الحرب الإعلامية ضد الشرعية و الحكومة و الشعب اليمني و عدم المساس بسيادة و استقلال اليمن و الحفاظ على وحدة و سلامة أراضيه.
*إعادة تعيين سفراء يحملون القضية:
تقليص أعضاء السلك الدبلوماسي بحسب مؤهلاتهم و إدراكهم لأبعاد القضية اليمنية و معرفتهم كيف سيوظفون العلاقات الدبلوماسية لخدمة اليمن، وبناء على سياسة التقشف، تُلغى كافة التعينات و الملحقيات إلى أجل غير مسمى، و يُعين السفير بمفرده بدون طواقم و مساعدين و يتم الاستعانة بالجاليات للتطوع في الأعمال التي تحتاجها السفارات اليمنية، و يمنع على السفارات الإتجار بحقوق اليمنيين في الخارج أو جباية أي أموال منهم كبدل توثيق أو تعميد أو أي رسوم أخرى نظراً للظروف الصعبة التي يعاني منها المواطنين).