بمقتل الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح تكون صفحة ماضية في اليمن قد طويت، وأخرى بدأت للتو.
مثلت فترة حكم صالح الأطول في تأريخ اليمن السياسي الحديث، وامتدت لنحو ثلاثة عقود قضاها في السلطة، إضافة لست سنوات أخرى قضاها زعيما لحزب المؤتمر الشعبي العام بعد تنحيه عن السلطة إثر الثورة الشعبية التي أطاحت به في العام 2011م.
صعد صالح إلى الحكم بعد حالة من الاضطرابات السياسية والصراع الدموي الذي ذهب ضحيته اثنان من رؤساء اليمن الحديث (إبراهيم الحمدي 1943-1977) و (حسين الغشمي 1941- 1978م ) ، وكان صعوده إيذانا بمرحلة جديدة عاشتها اليمن.
في عهد صالح مرت اليمن بمحطات مفصلية، ومنعطفات كثيرة شكلت بمجموعها تأريخ اليمن القائم، المثخن بالصراع غالبا وبالهدوء أحيانا.
وكانت المحطة الأهم هي الثورة الشعبية التي اندلعت في العام 2011م وأعطت صالح حصانة كاملة، مقابل خروجه من السلطة، وانتقال اليمنيين إلى وضع جديد قائم على شكل آخر من أشكال الحكم، الذي أقره مؤتمر الحوار الوطني، وكان صالح وحزبه أحد الموقعين على وثيقة المخرجات.
كانت وثيقة مخرجات الحوار الوطني في نمطها الجديد كفيلة لإغضاب صالح الذي حكم اليمن بمركزية شديدة، لذلك جاء تحالفه مع مليشيا الحوثي للحيلولة دون تطبيق مخرجات الحوار الوطني، ورغبة في الانتقام من خصومه التقليديين الذين رأى أنهم كانوا سببا في خروجه من الحكم.
تحالف صالح مع الحوثيين، وكانت أبرز نتائج تحالفهم هي سقوط صنعاء بيد الحوثيين، ودفع هادي نحو تقديم استقالته، واكتساح المحافظات الجنوبية والغربية والوسطى، وصعود مليشيا الحوثي للحكم، التي شاركها صالح في تحالفه السياسي معهم.
لكن ذلك التحالف سرعان ما بدأ في التصدع، عند محاولة صالح إعلان الانتفاض على الحوثيين، بعد شعوره بالخطر على حياته، وساعدت أضواء خارجية لصالح في دعوته لأنصاره بالحرب على الحوثيين في العاصمة صنعاء.
أربعة أيام مضت من المواجهات الدامية والاشتباكات العنيفة بين الجانبين داخل أحياء العاصمة انتهت بمقتل صالح أثناء محاولته الفرار نحو محافظة مأرب كما تقول الروايات حتى اللحظة.
وبمقتل صالح يتشكل مشهد جديد في اليمن، فمليشيا الحوثي ستصبح الطرف الأبرز داخل اليمن، في موازاة طرف الحكومة الشرعية، فيما يتوقع أن يتراجع دور حزب المؤتمر الشعبي العام داخل اليمن، والذي كان صالح يمثل رافعته ومصدر تماسكه.