[ ناقلة النفط "صافر" شكلت أكبر تهديد بيئي عالمي ]
بعد نحو خمس سنوات من التحذيرات المحدقة بتسريب النفط الخام من خزان صافر العائم قبالة سواحل الحديدة، وصلت سفينة الإنقاذ إلى موقع ناقلة نفط عملاقة متحللة قبالة شبه جزيرة رأس عيسى، استعدادًا لإزالة أكثر من مليون برميل من النفط، لكن لا يزال التمويل مطلوبًا بشكل عاجل لإكمال العملية.
ومن على متن سفينة، أعرب منسّق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في اليمن، ديفيد غريسلي عن سعادته لوصوله إلى الموقع لبدء عمليات ضخ النفط من صافر، إلى سفينة جديدة، في غضون عشرة أيام إلى أسبوعين.
وقال مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أكيم شتاينر إن هذا يمثل تتويجًا لكميات هائلة من العمل والتنسيق بين وكالات الأمم المتحدة والمحامين البحريين وخبراء الانسكاب النفطي وغيرهم الكثير، معتبرا ذلك لحظة فخر للأمم المتحدة، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بصفته الشريك المنفذ لمرحلة الطوارئ من مشروع إزالة النفط.
جهود الأمم المتحدة
تعهدت الأمم المتحدة بمبلغ 148 مليون دولار، إلى شركة أس أم آي تي سالفادج (SMIT Salvage) المتخصّصة، التابعة لشركة "بوكاليس" الهولندية، مقابل نقل النفط من "صافر" إلى "نوتيكا" وسحب الناقلة بمجرّد إفراغها.
وحصلت المنظمة الدولية من الدول الأعضاء والشركات الخاصة 114 مليون دولار لتنفيذ خطة المنظمة الدولية من مرحلتين لوقف تسرب النفط في البحر الأحمر، بينما لا تزال هناك حاجة إلى 29 مليون دولار.
وفي 2015، تم تعليق عمليات الإنتاج والتفريغ والصيانة على متن صافر بسبب الحرب في اليمن، ما أدى إلى تدهور انظمة السلامة على الخزان وتهالكت بنية السفينة التي تحمل ما يقدر بنحو 1.14 مليون برميل من النفط الخام الخفيف، وهي ثروة تساوي 70 مليون دولار.
وفي نوفمبر 2018، حذر مسؤولين حكوميين وخبراء من حدوث تسرب النفط الخام من خزان صافر بسبب توقف الصيانة كلياً وعدم توفر وقود المازوت المسؤول عن تشغيل الغليات، وهو ما يعرض جسم الخزان للتآكل.
خطة أممية
في أيلول/سبتمبر 2021، أيدت الإدارة العليا للأمم المتحدة خطة منع الانسكاب عن طريق نقل النفط إلى سفينة آمنة وتركيب قدرة بديلة طويلة الأجل لصافر، وطلبت من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي تنفيذها بشرط التمويل، بالاعتماد على الخبرة من المنظمة الدولية وكذلك المتعاقدين الخارجيين والشركاء والخبراء.
ووقعت مذكرة تفاهم الأمم المتحدة بهذا الخصوص في 5 آذار/مارس 2022، مع جماعة الحوثيين، لوضع إطارًا للتعاون تلتزم بموجبه سلطات صنعاء بتسهيل إنجاح المشروع التي تسيطر على مواقع السفينة.
وفي 6 آذار/مارس 2022، نظمت الأمم المتحدة عن طريق بعثتها إلى مدينة الحديدة ومحطة رأس عيسى، بالقرب من صافر، جلسة لمناقشة الاقتراح مع السلطات المحلية، والتي أكدت بدورها دعمها للخطة، فيما شدد الخبراء والفنيون في البعثة على خطر وقوع كارثة في أي وقت.
ويعمل البرنامج الإنمائي على تنفيذ هذا المشروع الحساس، وتتكون الخطة من مسارين تبدأ بتشغيل ناقلة بديلة لتخزين النفط المنقول من صافر لمدة 18 شهرًا في خطة طويلة الأمد للتعامل مع مخزون الخزان
ودعمت الحكومة اليمنية وسلطات صنعاء رسميًا في أيلول/سبتمبر 2022، حل الغطاء الذي اقترحته الأمم المتحدة، حيث وقع قبل ثلاثة أشعر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي اتفاقية لشراء ناقلة النفط العملاقة التي ستنقل النفط من الخزان العائم "صافر"، ما يمثل خطوة كبيرة نحو تحقيق الخطة الأممية.
وبينما كانت الأمم المتحدة تستعد للبدء في هذا المشروع، ارتفعت تكاليف شراء واستئجار السفن المناسبة بما يقدر بأكثر من 25 مليون دولار، مقارنة مع التقديرات الأصلية، جراء العوامل المتعلقة بالحرب في أوكرانيا أساسا.
تهديدات كارثية
ودخلت المياه في منتصف 2020 إلى غرفة محرك الناقلة، ما زاد من مخاطر غرقها أو انفجارها، فيما تسرب إلى نظام التبريد وغرفة الآلة مما دفع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى عقد اجتماع خاص حول الأمر في يوليو 2020.
وتشير الأمم المتحدة إلى أن خزان صافر تحمل 4 أضعاف كمية النفط الموجودة في الناقلة "إكسون فالديز" التي تسبّبت عام 1989 بواحدة من أكبر الكوارث البيئية في تاريخ الولايات المتحدة، حيث تقدر المنظمة الدولية تكلفة التنظيف لوحده في حالة حدوث تسرّب نفطي بمبلغ 20 مليار دولار وتسلّط الضوء على العواقب البيئية والاقتصادية والإنسانية الكارثية المحتملة.
ويهدد حدوث تسرب كبير للنفط بتدمير مجتمعات الصيد على ساحل البحر الأحمر اليمني، ومن المحتمل أن يقضي على 200 ألف مصدر رزق على الفور، فيما ستتعرض مجتمعات بأكملها للسموم التي تهدد الحياة سوف يؤثر الهواء شديد التلوث على الملايين.
كما سيغلق موانئ الحديدة والصليف - وهي ضرورية لجلب الغذاء والوقود والإمدادات المنقذة للحياة إلى اليمن، حيث يحتاج 17 مليون شخص إلى مساعدات غذائية.
وسيؤدي إغلاق محطات تحلية المياه إلى قطع مصدر المياه عن ملايين الأشخاص وصولا إلى الساحل الأفريقي ويؤثر على أي دولة على البحر الأحمر.
وسيكون التأثير البيئي على الشعاب المرجانية التي تدعم الحياة في أشجار المانجروف والحياة البحرية الأخرى شديدًا. سوف يستغرق استرداد مخزون الأسماك 25 عامًا.
تسميه صافر
خزان صافر عبارة عن ناقلة نفط ضخمة وزنها الساكن (409) ألف طن متري سميت بـ"صافر" نسبة إلى الموقع الذي تم اكتشاف النفط فيه لأول مرة في اليمن. ويستخدم هذا الميناء لتصدير نفط مأرب الخفيف.
يقع هذا الميناء على البحر الأحمر بمحافظة الحديدة كخزان عائم مؤهل لتحميل وشحن السفن بالنفط الخام لأغراض التصدير، ويتم ضخ نفط مأرب والجوف (القطاع 18 بمأرب) ونفط قطاع جنة (قطاع 5)، وبعض الحقول المجاورة، إلى هذا الميناء عبر خط أنبوب يمني على مساحة (439) كيلومترا منها (9) كيلومترات في المغمورة ليرتبط بالباخرة صافر بالبحر الأحمر، وسعته التخزينية ثلاثة ملايين برميل، وقطر (24-26) بوصة، وهو أول ميناء تم إنشاؤه وضخ النفط إليه في اليمن عام 1985م - 1986م.
ويعد ثالث أكبر ميناء عائم في العالم لتخزين النفط، بسعة تبلغ ثلاثة ملايين برميل وهي مخصصة، وتوقفت جميع الأنشطة في الميناء بسبب الحرب، وتم إخلاء جميع العاملين فيه بسبب الحرب، كما فشلت العديد من الجهود لتفريغ حمولة الخزان من النفط الخام.
وشيدت الناقلة صافر في عام 1976 كناقلة نفط عملاقة، وتم تحويلها بعد عقد من الزمن لتصبح منشأة تخزين وتفريغ عائمة، حيث يرسو الخزان العائم على بعد حوالي 4.8 ميل بحري قبالة ساحل محافظة الحديدة.