قال رئيس البيت اليمني للموسيقى، الموسيقار فؤاد الشرجبي، إن مؤسسته وثقت ما يقارب 46 ألف أغنية محلية.
وشملت الأغاني التي تم توثيقها، بحسب الشرجبي، "التراث التقليدي، والأغاني الحديثة، وأغاني الثورة، وأغاني الزراعة، وأغاني الإنشاد الصوفي، وأغاني البحر والصيادين، وأغاني الأمهات، وأغاني العمل، وأغاني الأفراح، وأغاني البدو الرحل، مع مراعاة التنويعات اللحنية بين مختلف المناطق اليمنية".
وبين أنه "تم توثيق الأغاني بحسب اسم المؤلف والملحن والمغني والمقام الموسيقي ونوع الإيقاع (سريع أو وسط أو بطيء)، واللون (وطني، سياسي، عاطفي، شعبي)، والمنطقة التي يعود إليها هذا اللون (صنعاء، حضرموت، تعز.. إلخ)".
وبحسب رئيس البيت اليمني للموسيقى (غير حكومي)، فقد "شمل التوثيق الآلات الموسيقية المستخدمة في الأغنية، وتاريخ تسجيل الأغنية ومكانه، ومصدر الحصول عليها، والفنانين الذين تتابعوا في أدائها"، موضحاً أنه "يتم توثيق الأغنية لأقدم تسجيل تم الحصول عليه".
وعن طريقة توثيق الأغاني، أوضح الشرجبي أن "البيت اليمني للموسيقى اعتمد على النزول الميداني للمحافظات للتأكد من مصدر الأغنية، ومقابلة من يملكون المعلومة سواء كانوا فنانين أو مواطنين عاديين".
وأشار رئيس البيت اليمني للموسيقى (تأسس عام 2006) إلى أن "البيت تلقى نسخاً من هذه الأغاني من مواطنين وجهات متعددة، ولا يزال العمل بمشروع التوثيق مستمراً وربما يستغرق سنوات نظراً للتراث الغنائي الكبير وقلة الإمكانيات".
واعتبر الأغاني التراثية أمهات الأغاني التي يجب أن يتم المحافظة عليها وعدم السطو عليها، مع المحافظة على ألحانها وإيقاعها، وطلب الإذن ممن يملكون الحق في ذلك.
وأشار إلى أن "أكبر عائق يقف أمام جهود توثيق الأغنية اليمنية وحفظها من الاندثار عدم وجود تمويل حكومي أو من جهات أخرى سواءً محلية أو دولية".
وبين أن "الأغاني اليمنية تتعرض لعملية سرقة من قبل فنانين محليين وعرب دون نسبها إلى صاحبها الحقيقي".
ولأجل حمايتها من السرقة، طالب الحكومة بـ"تفعيل قانون حماية حقوق الملكية الفكرية، ومعاقبة كل من يقوم بسرقة أغنية أو كلماتها دون نسبها لمن أداها".
واعتبر الشرجبي أن عام 2011 (اندلعت فيه ثورة أطاحت بنظام الرئيس السابق علي عبد الله صالح) عام "الطفرة" الفنية في الإصدارات، والتي بلغت أكثر من خمسة آلاف أغنية وأنشودة متنوعة أغلبها أخذت الطابع السياسي، بحسب الشرجبي.
وحول دور البيت اليمني للموسيقى في نشر الوعي الموسيقي، قال الشرجبي إن "من أهدافه (البيت) إضافة إلى توثيق الأغاني نشر الوعي لمحو الأمية الموسيقية"، مشيرا إلى أنه "تم تدريب 900 شخص، تخرج منهم 150 مدرسا ومدرسة في الموسيقى".
ولفت الشرجبي إلى أن الأتراك هم أول من وثق الأغنية اليمنية إبان وجودهم في شمال اليمن خلال حكم الخلافة العثمانية (على فترتين، الأولى من 1539 - 1634، والثانية 1872 – 1918).
وأوضح الموسيقار فؤاد الشرجبي أن "الكثير من الأغاني اليمنية أصولها تركية، وقد جرى إعادة تلحينها بألوان مختلفة من قبل فنانين يمنيين".
وأشار الشرجبي إلى أن "الأتراك استقدموا إبان وجودهم في شمال اليمن (الجنوب كان واقعا تحت الاحتلال الإنجليزي) فرقا موسيقية عسكرية كما قاموا بإرسال يمنيين إلى تركيا لتأهليهم فنياً".
ومن أشهر الأغاني اليمنية ذات الأصول التركية، وفق الشرجبي، أغنية "ممشوق القوام" التي غناها الفنان اليمني الراحل علي الآنسي (توفي عام 1981)، وتعد من الأغاني ذائعة الصيت، والتي لا تزال تلقى قبولاً شعبياً حتى اليوم.
وكذلك أغنية "رب بالسبع المثاني"، والتي حولها منشدون يمنيون إلى موشح ديني يتم ترديده بشكل كبير في المناسبات الدينية كرمضان.
ودعا الموسيقار اليمني الجهات الحكومية وغير الحكومية في تركيا المهتمة بالتراث الفني إلى "التعاون والاشتراك في إعداد دراسة مشتركة بين الجانبين لتوثيق الأغاني اليمنية، وإعطاء الجانب اليمني نسخا من هذه المواد المحفوظة والموثقة لدى الأتراك".
والفنان فؤاد الشرجبي، من مواليد مدينة تعز، وهو خريج شريعة وقانون من جامعة صنعاء، كما درس بالمعهد العالي للموسيقى بدمشق السورية.
وهو ملحن وموزع موسيقي لحوالي 90 % من أغاني الأطفال في التلفزيون اليمني 1990 – 2007، كما ألف ونفذ الموسيقى التصويرية والدرامية لعدد من المسلسلات في التلفزيون والإذاعة.
ويعتبر الشرجبي أول من أنشأ أستوديو صوتي "ديجيتال" في اليمن، وهو مركز الربيع للإنتاج الفني.