في دكانه الصغير، جمع العراقي علي المندلاوي أكثر من مليون قلم يروي من خلالها قصة الثقافة في بلاده بين الماضي والحاضر.
قبل 37 عاما، ظهرت هواية جمع الأقلام عند المندلاوي (55 عاما)، حين شرع ببيع الأقلام على بسطة في شارع المتنبي الشهير بالعاصمة بغداد.
وتجمع جدران دكان المندلاوي أقلاما من أزمنة وأنواع وماركات عالمية، فضلا عن أقلام رصاص من صناعة محلية تعود لعام 1970.
ومع اجتماع كل هذه الأقلام، أصبح الدكان المتواضع في شارع المتنبي وجهة يقصدها السياح من داخل العراق وخارجه.
وقال المندلاوي للأناضول إنه ولد في محافظة ديالى (شرق) عام 1967 وعاش سنوات الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988)، التي أجبرت أسرته على مغادرة المناطق الحدودية مع إيران والانتقال إلى بغداد في 1982.
وبعد عامين من انتقاله إلى بغداد، فقد المندلاوي والده ووجد نفسه المسؤول الوحيد عن إعالة 6 من أخواته البنات.
أما قصته مع الأقلام فبدأت بفتح بسطة صغيرة في حي القصور ببغداد، حيث كان يتجول بها في السوق أو يفرش أقلامه أمام المحلات المغلقة.
وأوضح أن شغفه بالأقلام زاد بعد فتح بسطته، وأنه أحيانا كان يضطر إلى الاستدانة لشراء أقلام.
وفي ثمانينيات القرن الماضي، كان القلم وفق المندلاوي يحظى بأهمية كبيرة، ويستقر في جيب الطالب والمدرس والطبيب والمثقفين كافة.
وأفاد بأن الأقلام جلبت له علاقات وتعرف من خلالها على أشخاص من مختلف شرائح الشعب العراقي.
لكن القلم فقد قيمته في العراق بعد الاحتلال الأمريكي عام 2003، وأصبح حمل القلم الذي يرمز إلى المعلمين جزءا من التاريخ، بحسب المندلاوي.
وأشار إلى أن تخزين الأقلام في العراق له عوائق كثيرة منها العامل المناخي، وقارن بين أقلام من صنع العراق ذات جودة عالية صنُعت عام 1970 وأخرى تُصنع اليوم وجودتها متدنية للغاية ولا يكاد استخدامها يتجاوز يوما واحدا.
ولم تكن هواية جمع الأقلام محط تقدير من الجميع، بل كانت تثير سخرية بعض العراقيين، إلا أن المندلاوي يشبه دكانه حاليا بـ"متحف للأقلام".
وقال إن أقلام دكانه كانت سببا لرسم البسمة على وجوه الزوار من السياح البريطانيين واليابانيين والأوروبيين.
ويهدي المندلاوي أقلاما لزوراه، وعندما يسألونه عن ثمنها يجيبهم بـ"أنها لا تضاهى بثمن".
وعادة ما يضيف أن "من يجمع الأقلام لا يمكن أن يؤذي أحدا في حياته، وتبقى عنده القيم الثقافية والمعنوية عالية. والقلم ينظم أمور المجتمع ويوجهنا في حياتنا".